تبدو كلمة «السلام» كغصن زيتون خلقها الله عز وجل لتحملها حمائم ألسنتنا، فتطمئن قلوب الآخرين إلى صفاء النوايا، وتشيع المحبة في المجتمع، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». سقط اليوم غصن الزيتون من ألسنة كثيرين منا، وقل السلام على من عرفنا ومن لم نعرف، وحلت ألفاظ أخرى بديلة للتحية، بعضها لبق كتحايا الصباح والمساء، وبعضها خارج عن الذوق والأخلاق مما لا يجوز كتابته في مثل هذه المقالة أو سواها. نحتاج اليوم أن نتذكر أن ديننا الحنيف شرع لنا تحية ميزنا بها عن غيرنا، وجعل عليها ثوابا لمن قالها، وجعلها حقا من حقوق المسلم على أخيه، فتحولت هذه التحية من مجرد عادة إلى عمل صالح يفعله العبد تقرباً إلى الله تعالى. كم نحن في حاجة اليوم إلى تكريس سنة السلام وإفشائها، وتذكير المجتمع بها حتى لا تعود عادة غريبة قابلة للاندثار، وتحل مكانها تحايا لا تدانيها قيمة ومعنى، بعضها مستورد من ثقافات أخرى. يمكن مثلاً الاستفادة من انتشار شبكات التواصل الاجتماعي في إنتاج أفلام أو مقاطع للتوعية، بعمل فردي أو مؤسسي، تحث على إفشاء السلام بتحية الإسلام، وتنبه إلى آثاره وفوائده الدينية والدنيوية على الفرد والمجتمع، بطريقة سهلة ومبتكرة. ولعل مثل هذه الأعمال التوعوية تذكرنا جميعاً أن السلام سبب من أسباب حصول التعارف والألفة وزيادة المودة والمحبة، وكذلك من أسباب تحصيل الحسنات ودخول الجنات، لاسيما وأن في إشاعته إحياء لسنة الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. ولنتذكر جميعاً ما ورد في الحديث المتفق عليه، أن رجلاً سأل رسول الله: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف».