قالت لي صديقتي ضاحكة: هل تعرفين ان الناس ظلموا القذافي بالسخرية منه حين تساءل: انتم مين؟ لقد كان الرجل محقا في تساؤله!! (فعلا، إحنا مين؟!!). لا أظن القذافي وحده من احتار في معرفة من نكون، كل من يرقب تصرفاتنا من المتوقع أن يردد سؤال القذافي: أنتم مين؟!! كل من ينظر إلى عالمنا العربي وما يعيش فيه من فوضى واضطرابات واعتداءات وقتل وفتن، لا بد له أن يسأل ذلك السؤال الخالد: أنتم مين؟!! حقا، (إحنا مين؟!!) هل نحن مسلمون؟ هل نحن مجرمون؟ هل نحن جماعة من الحمقى، أم جماعة من الطغاة؟ هل نحن جماعة من المجانين والمرضى النفسيين، تسوقهم أدواؤهم النفسية إلى إهلاك أنفسهم بأنفسهم؟ من نحن بالضبط؟ ليتني أدري فقد احترت في تحديد ماهيتنا!! نذهب إلى المساجد ونحافظ على الصلاة، ثم نفجر مساجدنا ونقتل المصلين!! نطارد المجرمين ونحكم عليهم بالقصاص، ثم نفعل فعلهم، فنجز الرقاب ونحرق الأجساد، نتتبع الزناة ونحكم عليهم بالجلد والرجم، ثم نستبيح نساء العالم. ننتقد داعش وننسب جميع تلك الأفعال البشعة إليها، ثم ننتفض غضبا متى ظهر أمامنا من يسخر منها!! نشجب التعصب ونحذر منه ونبرئ أنفسنا من أن ينسب إلينا، ثم نعتلي المنابر لنحرض بعضنا ضد بعض، وننفخ على نار الكراهية في قلوب بعضنا بعضا!! ننادي بضرورة الوحدة الوطنية وأهمية التلاحم بين أبناء الوطن الواحد، ثم نرفع أصواتنا بمعارضة كل من يفكر في وضع ضوابط تفعل ما ننادي به!! نحث على التمسك بالفضيلة وحماية الأخلاق، ثم نستميت في رفض أي قيد يقيد حركة أعداء الفضيلة ويحد من حريتهم!! نتسابق إلى بناء المساجد، وندفع بالواعظين والناصحين ليعتلوا منابرها، وننشر مدارس تحفيظ القرآن في أحيائنا، ونملأ حقائب أولادنا المدرسية بكتب العلوم الشرعية، ونتبارى في تبادل رسائل النصح والوعظ الديني على شاشات جوالاتنا، نظن أننا بذلك ضيقنا الخناق على الشيطان، وأنى له أن يجد تربة تؤويه وسط كل هذه الظروف العامرة بالدعوة إلى الدين والخلق القويم!! لكنا ما نلبث أن نفاجأ بمن ينتهك براءة الطفولة في ايذاء جسدي ونفسي شديدين، ومن يبني ثروته من تهريب المخدرات، ويعمر أرصدته من سرقة أموال الصدقات والزكوات!! بعد هذا ألا يحق لنا أن نتساءل من نحن؟ من نكون؟