تغيب الاستثمارات عن غابات الباحة المفتوحة، رغم طبيعتها السياحية الفاتنة، في وقت يرى الكثيرون أهمية الاستثمار الحقيقي لها وبناء استراتيجية فاعلة لصناعة السياحية من خلال مقومات هذه الغابات مع الحفاظ على خصائصها. ويذهب رجل الأعمال حسن الفري إلى أن الاستثمار في الغابات ضئيل جدا ولا يحقق تطلعات السائح كون الاستثمار الفعلي لهذه الغابات لم يتجاوز بعد (30 %) كحد أعلى. ويؤكد رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية في منطقة الباحة أحمد العويفي أن تطوير الغابات مطلب حيوي كون المصطاف والزائر يريد موقعا للجلوس وفندقا للسكنى ومطعما للأكل وموقفا للسيارة خصوصا إذا اصطحب معه كبار السن، مشيرا إلى أنه بصدد استصدار رخصة لإنشاء فندق فئة خمسة نجوم في سفح جبل غابة رغدان. ولفت العويفي إلى أن الاستثمار في المنطقة يمر بطفرة من مشاريع سياحية ترجمة لاستراتيجيات الهيئة العليا للسياحة والآثار. من جهته، أوضح أمين الباحة المهندس محمد مبارك المجلي أن الأمانة عملت على تنفيذ مشاريع تحسينية لغابة رغدان، من بينها إعادة بناء المدرجات الزراعية، وتوفير مسرح، وملاه ترفيهية، وزراعة 148 ألف متر مربع من المسطحات الخضراء، مشيرا إلى أن بناء المدرجات الزراعية جميعها تم اختيارها من البيئة من خلال كسوة حجرية تتخللها أحواض وزهور، وإنارة تجميلية، ومظلات، وجلسات مطلة، وممر للمشاة داخل المتنزه، وأضاف المجلي بأن الأمانة زرعت أكثر من 148 مترا مربعا بالإنجيلة، لتشكل مسطحات خضراء داخل الغابة، وأنشأت 80 مظلة، وكشك للوجبات السريعة، وأكثر من ثمانية مواقع ألعاب للأطفال، و12 دورة مياه للجنسين. لكن بعض النخبة ترى أن الأفضل إبقاء الغابات على طبيعتها وحمايتها من أي مشاريع أو فتح طرق كون الحفاظ على الغابة يؤمن للغطاء النباتي التنامي والبقاء ويحفظ التوازن البيئي. ويؤكد أستاذ الزراعة والغابات في جامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم عارف أن المختصين لديهم هاجس وقلق على غابة رغدان، ويسعون جاهدين للحد من جور الإنسان على أجمل المقومات البيئية والسياحية من خلال لجوئهم إلى تأسيس جمعية لتأهيل غابات الباحة وإعادة استصلاح شجرة العرعر، مشيرا إلى أن غابة رغدان تعد في وقت سابق أفضل الغابات النامية طبيعيا، بناء على دراسة أجريت عام 1982 بدعم مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وحصلت على المرتبة الأولى في كثافة الأشجار وفي وحدة المساحة، وارتفاع الأشجار كونها الأعلى بين كل أشجار غابات العرعر في المنطقة الجنوبية، وأقطار أشجار العرعر كذلك كانت الأعلى، وتعتبر تربتها من أفضل الترب بالمنطقة من حيث توافر العناصر الغذائية. وأضاف عارف أن عمر غابة رغدان يتجاوز 3000 عام، إلا أن فتح أول خط للمركبات من عمق الغابة وفصلها إلى نصفين تسبب في بعثرة الممرات المائية للأمطار، مبديا تحفظه على تحويل الغابة إلى حديقة ما أفقدها حيويتها وبيئاتها وطيورها، لافتا إلى أن عملية دخول الكهرباء إلى الغابة أسهم أيضا في تدهورها، إذ أن الكهرباء تعتبر من أكبر الأخطار على البيئة، محذرا من زوال غابات منطقة الباحة، بسبب التعديات وجرف تربتها وحرمانها من مياه الأمطار، ما يؤثر سلبا على المجال السياحي والبيئي، لافتا إلى أن التعدي على الغابات الطبيعية وتغيير معالمها مجرم عالميا كونه تعد على الطبيعة، ويخالف التشريعات الإسلامية، وقانون البيئة في السعودية. ويرى عارف أن جميع أشجار غابة رغدان ربما تموت خلال 15 عاما مقبلة إذ أن بينها أشجارا يبلغ عمرها أكثر من 250 عاما، مبينا أن سبب موتها يعود إلى الإنشاءات الحديثة، والتلوث البيئي الحاصل في الغابة، الناجم عن دخول المركبات كونها تدخل إلى الغابة نحو 10 آلاف سيارة، تنبعث منها ملوثات بيئية مضرة، وناشد عارف إمارة المنطقة بالتدخل السريع والعاجل لمنع تحويل الغابات إلى متنزهات وحدائق، وتنفيذ مشروع وطني لدراسة وضع الغابات وإعادة تأهيلها، وزيادة الاستزراع، منوها بضرورة تطبيق القانون بشكل صارم لمن يعمل على قطع الأشجار، كما هو معمول في بعض الدول. يذكر أن الهيئة العليا للسياحة رصدت أكثر من (60) موقعا سياحيا منها مناجم العقيق وطريق الفيل وقرية ذي عين الأثرية وموقع الشنفرى وقريتي الخلف والخليف الأثريتين وقرية عشم التاريخية، ومن أشهر غابات الباحة غابات الحبقة وغابات الجنابين وغابة السكران وغابة القمع وغابة موظف وغابة شهبة وغابة خزنة وغابة الزرايب وغابة مهران وغابات جدر إضافة إلى الغابة الأشهر غابة رغدان التي تزداد تميزا بموقعها القريب المجاور لقلب منطقة الباحة ما يجعل الوصول إليها سهلا على مدار الساعة.