نشرت الصحف الأسبوع الماضي خبرا عن اكتشاف وزارة الشؤون الاجتماعية ما يقارب 107 آلاف مستفيد على قائمة المشمولين بالضمان الاجتماعي من غير المستحقين، وذلك بعد أن أظهر الرابط الآلي بين الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية أن لهم مصادر دخل أخرى تجعلهم لا تنطبق عليهم شروط الحصول على معاش الضمان الاجتماعي. وذكر أحد مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية أن وزارته بادرت إلى شطب أسماء أولئك (المحتالين) من قوائم المستفيدين من الضمان بمجرد اكتشافها لهم، وأنها الآن بصدد رفع قضية ضدهم لمطالبتهم بإعادة ما أخذوه من مال بلا وجه حق!! لو كنت مسؤولة في وزارة الشؤون الاجتماعية لترددت في الحديث حول هذا الأمر، وذلك لسببين: أحدهما أن هذا التحايل الذي وقع ما كان له أن يحدث لو لم يكن هناك تقصير في مراقبة ما يجري من تلاعب، فالمفترض أن تكون على صلة قريبة ومستمرة بالمشمولين بالضمان، وذلك من خلال قيامها بزيارات دورية لمنازلهم لمتابعة تطور أوضاعهم وما يطرأ عليها من تغيرات، ولملاحظة مقتنيات المنزل ومستوى المعيشة المتوفرة داخله، وغير ذلك من المؤشرات الدالة على حقيقة الحالة الاقتصادية لهم. والسبب الثاني، أن ما كشف عنه الرابط الآلي من وجود مستفيدين من الضمان الاجتماعي رغم أن لديهم مصادر دخل أخرى تجعلهم غير مستحقين، ليس معه ما يوثق أن جميع الحالات المكتشفة (107 آلاف حالة أو أكثر) هي كلها متحايلة وليست في حاجة فعلية للمعاش؟ خاصة أنه حسب ما ذكر، 85 % من الحالات من النساء! أفلا يحتمل أن بين أولئك الذين وصفوا بالمحتالين من هم في حاجة حقيقية لمعونة الضمان؟ إنه من المستبعد أن من أغناه الله بوظيفة ذات راتب مجزٍ أو بعمل تجاري يدر ربحا، أن يلجأ إلى الاحتيال من أجل الحصول على ألف ريال شهريا، فالأقرب إلى الظن، أن من يفعل ذلك لابد أنه يعاني من العسر المادي ما يجعله في حاجة إلى زيادة الريال في دخله قبل الألف، فقد تكون الأسرة كبيرة والمرتب لا يكفي، وفي حالة النساء قد تكون المرأة لا تملك شيئا أصلا وأن هناك من يستغل اسمها للحصول على سجل تجاري أو امتلاك عقار أو غير ذلك. لذا كنت أتوقع من الوزارة أن تستدرك الخطأ فتبادر إلى دراسة حالة جميع أولئك الذين وصفوا بالمحتالين لتتأكد من حقيقة أوضاعهم، قبل أن تبادر إلى اتهامهم بالاحتيال وقطع المعونة عنهم، والتلويح بمقاضاتهم.