يقفون كالجبال الشامخة في مواجهة المهربين والمتسللين لمنع وصول المخدرات والأسلحة إلى داخل أرض الوطن، ويعرفون بأنهم خط الدفاع الثاني بعد حرس الحدود لصد المتسللين والعابثين، يعملون ليل نهار يجوبون القفار والهضاب والشعاب والأودية وأعالي الجبال، وفي أعينهم الإخلاص والعزيمة، إنهم أفراد إدارة المجاهدين بجازان الذين يتميزون بالروح القتالية العالية والمعنويات المرتفعة والخبرة والدراية الكاملة بالتضاريس الصعبة في المنطقة. (عكاظ) رافقت أفراد المجاهدين وسمح لها بالتواجد والمشاركة في عدد من العمليات على الشريط الحدودي الجبلي، لرصد الدور الذي يقومون به للتصدي للمهربين والمتسللين، في جولة ميدانية عن قرب، فلمسنا الأعمال الكبيرة التي يقوم بها هؤلاء الأبطال في ظل الصعوبات والمعاناة التي يكابدونها من أجل القضاء على التسلل والتهريب. تحدي الظروف بدأت جولتنا مع المجاهدين من آخر نقطة حدودية مع دولة اليمن بأحد الجبال بمحافظة الداير بني مالك، الذي يطل على عدد من قرى محافظة صعدة اليمنية، حيث كان أزيز الطائرات مستمرا دون توقف منذ بداية الجولة مع ارتفاع صوت دوي القصف من فترة لأخرى، في وقت يشهد فيه الشريط الحدودي انتشارا للجهات الأمنية بمساندة من القوات العسكرية السعودية التي ترابط على امتداد الحدود. ولعل أبرز ما يلفت الانتباه في بداية الجولة هو صعوبة التنقل بين الجبال الوعرة والطرق الضيقة والخطرة التي تفتقر للسفلتة، ووجود مواقع النقاط الأمنية للمجاهدين هناك وسط تلك الجبال الشاهقة لرصد ومراقبة الطرق التي يسلكها المهربون تحت جنح الظلام والضباب، إلا أنهم يواصلون مهامهم الأمنية للقبض على المتسللين والمهربين تحت أي ظرف كان ومهما كبرت درجة المخاطرة في دليل واضح على تحدي جميع الظروف والتغلب عليها من أجل هدف واحد يضعونه أمام أعينهم وهو حماية الوطن. ونحن نهم بصعود الجبل أشار لنا رئيس الفرقة الثالثة بقطاع المجاهدين بالداير بني مالك محمد علي الريثي للطرق البعيدة في جبال صعدة اليمنية التي يسلكها المتسللون والمهربون وصولا إلى الأراضي السعودية، كذلك أسواق محافظة صعدة، فرغم بعدها قليلا وعدم اتضاح الرؤية لوجود بعض السحب والضباب إلا أننا شاهدنا تجمعات كثيرة ومتفرقة وحركة لا تنقطع في أحد الأسواق اليمنية وهو ما يعرف باسم سوق قبيلة (آل ثابت) التابع لمحافظة صعدة، فرغم تحليق وأزيز طائرات التحالف إلا أنهم يعيشون حياة طبيعية، لمعرفتهم التامة بأن القصف لا يستهدف إلا مواقع تجمع الحوثيين وميليشيات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وأعوانهم، لذلك هم يشعرون بالأمان وعدم الخوف من تلك الطائرات، لنواصل بعدها الصعود إلى أعلى الجبل مرورا بنقاط دوريات المجاهدين التي وجدناها وكان أفرادها في روح معنوية عالية وإصرار وعزيمة للوقوف في وجه أي مهرب أو متسلل. رئيس دوريات المجاهدين في محافظة بني مالك علي المالكي أشار خلال الجولة إلى أن فرق دوريات المجاهدين تعد الخط الثاني بعد دوريات حرس الحدود، حيث يقومون بالقبض على المتسللين والمهربين وضبط المهربات سواء كانت أسلحة أو مخدرات، مؤكدا أن الطرق الوعرة والجبال الشاهقة لن تكون عائقا بالنسبة لهم أبدا وأنهم ماضون في كل وقت لرصد أي متسلل وكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن. وأضاف: منذ بداية عمليات عاصفة الحزم قام المواطنون وشيوخ القبائل بمساندتنا من خلال تقديمهم بلاغات بين فترة وأخرى عن المواقع التي عثر فيها على أثر لأشخاص متسللين أو مهربين. إطلاق نار وسرد لنا الريثي واقعة تمكنوا خلالها من القبض على عدد من المتسللين المسلحين وذلك بفضل الله ثم مساندة المواطنين. وقال: بعد تلقي البلاغ تم رصد 57 متسللا، كان مع أحدهم سلاح آلي رشاش (كلاشنكوف)، حيث قام بإطلاق النار وتم الرد عليه والقبض عليه مع بقية المتسللين، وخلال فترة بسيطة تمكن أفراد المجاهدين من إحباط تهريب عدد من المسدسات ورشاشات آلية وطلقات ذخيرة حية، مؤكدا أن عمليات الضبط تتم بصعوبة لوعورة الجبال والظلام الدامس. وأكد الريثي أن عمل المجاهدين لا يخلو من المصاعب والمخاطر كباقي القطاعات الأمنية الأخرى، فالمهرب ليس له موعد معين ولا طبيعة أو طريق معينة يسلكها وحين يفاجأ برجال الأمن يصبح عدوانيا وخطرا ويحاول إلحاق الضرر برجل الأمن في سبيل أن ينجو بما يحمله من خراب ودمار، مما يدفعنا إلى تبادل إطلاق النار معه، ولكن الإصرار على تأدية الواجب يجعل من رجالنا البواسل حائط صد منيعا ضد هؤلاء المخربين حسب التعليمات، ولعل من أولويات إدارة المجاهدين بجازان مهمة أمن الحدود والتصدي للمهربين والمتسللين، وتقف جنبا إلى جنب مع بعض الإدارات الأمنية المختصة مثل قيادة حرس الحدود، مبينا أن التضاريس الوعرة على الحدود عامل مساعد على التهريب وتخفي المهربين، ولكن دائما يفشلون في تنفيذ مخططاتهم وهذا بفضل الله عز وجل أولا ثم بفضل يقظة رجالنا البواسل، ولا ننسى أيضا الدور الكبير الذي يقوم به أبطال حرس الحدود والقطاعات الأمنية المختلفة لحماية الوطن فالجميع يعمل في خندق واحد ومن أجل هدف واحد. وعن أنواع المهربات التي يتم التصدي لها في قطاع الداير بني مالك قال الريثي إنها تختلف، فمنها الأسلحة والطلقات الحية والحشيش المخدر والحبوب والقات، مشيرا إلى أن عملية التهريب والتسلل تتم عن طريق أشخاص معظمهم أفارقة وهم مدربون بشكل كامل على مثل هذه المهمات، فمنهم من يقوم بمسح الطريق للتأكد من خلوه من رجال المجاهدين ويكون غالبا يحمل سلاحا للمقاومة وحماية المتسللين أو المهربين، مبينا أن عملية التسلل تكون بشكل متقن وتكون غالبا في المساء نظرا لوعورة الأماكن التي يسلكونها متخفين بين الجبال والأودية، حيث يسلكون طرقا وعرة، وهم مدربون على التهريب واتباع خطوات قائدهم بالتوقف أو الانتظار أو الاختباء عند مشاهدتهم لأحد أفراد أو دوريات المجاهدين دون التحدث فيما بينهم، فبمجرد أن يعطيهم القائد الأمر بالجلوس يقوم المهربون الذين خلفه بالجلوس أو الاختفاء، مؤكدا أن المهربين دائما يبادرون بإطلاق النار على فرق المجاهدين عندما يتم اكتشافهم ورصد تحركاتهم وهذا دلالة على أنهم أشخاص مدربون بشكل كبير على استخدام الأسلحة وليسوا مجرد مهربين فقط. عاصفة الحزم وأشار المتحدث الإعلامي لمجاهدي جازان خالد قزيز أن عملية عاصفة الحزم أوقفت عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السعودي بشكل ملحوظ. وقال: على طول الشريط الحدودي توجد إدارة المجاهدين في صورة فرق ومراكز تنطلق منهم دوريات راكبة وراجلة موجودة بحدود مسؤوليتنا بالميدان على مدار الساعة، مؤكدا التأهيل والتدريب العالي الذي يتمتع به أفراد المجاهدين. وذكر أن الأيام القليلة التي سبقت انطلاق عاصفة الحزم شهدت تدفقا للمتسللين والمهربين بشكل ملفت، وبعد أن بدأت العمليات الجوية انخفضت أعداد المهربين والمتسللين بشكل كبير ولم يلق القبض إلا على عدد قليل منهم ضبط بحوزتهم 45 مسدسا. وأشار المتحدث الإعلامي للمجاهدين إلى أن الإحصاءات التي لديهم خلال شهر شملت ضبط 1045 قطعة سلاح و102912 ذخيرة متنوعة و49 إصبع ديناميت، و49 كبسولة كهربائية وقنبلتين يدويتين و770 مخزن سلاح، والقبض على 1622 متسللا. رصد الثغرات من جانبه أوضح مدير عام فرع المجاهدين بجازان عبدالرحمن المويشير أن هناك طرقا عديدة ومتنوعة للتهريب، وهي مستجدة على مدار اليوم، والمهرب لا يجد شيئا بعيدا عن متناول أفكاره ليغير فيه أو يجدد فيه لخدمة هدفه وهو التهريب، وبهذا فإنه كلما كشف رجال الأمن أسلوبا أو طريقة تجدد بأخرى، وهكذا معركة الكشف والتغيير أو التجديد تكون في حلقة مستمرة وابتكار أماكن جديدة ومخابئ في السيارات والتهريب تقوم بها جنسيات متنوعة. والثغرات التي يمكن استغلالها تتناسب في العدد تناسبا طرديا مع طول الشريط الحدودي، وهذا يعني وجود ثغرات كثيرة تم رصدها وإدخالها على خارطتنا الأمنية، ولا ننكر أن هناك تباينا في عدد المقبوضات من مكان إلى آخر، وهذا نعيده إلى طبيعة كل منطقة فليست المناطق الجبلية كالمناطق الساحلية والسهول، فنجد على سبيل المثال لا الحصر أن المنطقة الجبلية مثلا قد ترتفع النسبة فيها عن غيرها، وهذا يعود إلى أسباب من أهمها قرب هذه المناطق من الشريط الحدودي، إلا أننا نكثف الوجود الأمني بدوريات ومراكز مزودة بتجهيزات للرصد والمتابعة.