كشف الدكتور عبدالعزيز الحميدي أن فساد التيارات الفكرية وسوء فهمها وضلال أهدافها دعاها إلى اعتساف النصوص وتوجيه الأدلة للتأكيد على ما يؤمنون به من عقائد فاسدة, معتبرا أن هذه التيارات تناقض السنة الإلهية في مسألة الاستخلاف التي هي أصل إلى الاجتماع الإنساني وأن للجماعة والياً يأتمرون بأمره ويعقدون له الطاعة. قول المؤلف «لم يعد مسلماً إلا أنا ومَن حولي» يؤكد مرضه النفسي وحبه للظهور وأكد في مكاشفة علمية ناقدة لكتاب «الكواشف الجلية» أنه فاسد الأدلة ويخلو من المنهجية العلمية.. وأن واضعيه لهم أهداف خفية. وقال في الحلقة الثامنة من برنامج همومنا» ان الحجج التي ساقها منظرو الفكر المتشدد في كتاب «الكواشف الجلية» تدل على مرض النفوس وحب الظهور، مستغربا كيف يختار واضع هذا الكتاب «المجتمع السعودي» ويشن عليه هذا الهجوم وهو المجتمع الأكثر محافظة في المجتمعات العربية ودولته دستورها القرآن الكريم وشعائر الإسلام فيها ظاهرة. واشار الى أن الكتاب متوافق مع طرح وفكر الخوارج الأولين. مستغربا من جرأة صاحب الكتاب على تكفير قادة المسلمين الذين أبرموا معاهدات وقبلوا هدايا وهي أمور فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال الحميدي خلال الحلقة ان الإنسان كائن حركي يتأثر ويؤثر، لا يمكن أن يعيش وحده كما يقول علماء النفس وعلم الاجتماع، الانسان مدني بالطبع وقبل أن يكون مدنيا بالطبع، الاجتماع هو ضرورة قدرية كونية أرادها الله عز وجل كما أنها ضرورة شرعية , و ضرورة عرفية وعقلية لحاجة البشر. واضاف « فاجتمع في الاجتماع الضرورات الثلاثة والدلائل الثلاثة العقلية والعرفية والشرعية والقدرية وفي أول آية في القرآن الكريم تُحدثت عن الإنسان، وصفه الله عز وجل بوصف الخليفة ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) , في اشارة الى اهمية الاستخلاف والاجتماع من وجود رأس وقائم يقع عليه الاجتماع. وتطرق الحميدي الى الغلو قائلا: داء الغلو الذي يُبنى عليه قضايا التكفير وقضايا إحداث الشرخ داخل أي مجتمع مسلم مرتبط ارتباطاً عضوياً, فالمجتمع مكون من أسر وعوائل وقبائل ويجمعهم قواسم مشتركة كثيرة أعلاها وأجملها وأفضلها الدين، هو الجامع الأكبر والأعظم الذي هو أعظم من الاجتماع بهم تحت مسمى القبيلة، أو الاجتماع تحت مسمى العشيرة، أو غيره، بجامع الدين وهذا الذي أراده الله – سبحانه وتعالى – وأراده النبي من مقاصد الشرع. الحميدي خلال البرنامج ووصف الحميدي الافكار التي تدعو إلى الانقسام والتشتت والتشظي في الوقت الراهن بأنه مرض في النفوس قد يكون هذا المرض حب الظهور, أو حقد معين على مجتمع مسلم ,مشيرا الى أن مؤلف كتاب «الكواشف الجلية « ليس من المجتمع السعودي, ويقيم خارجه , وقال ان المؤلف شن حملة شعواء شديدة جداً اضطر هو فيها الوصول إلى مراحل فيها سواء في الاستدلال على التكفير الذي أراده، أو في مقاصده واراداته والحلول التي هو طرحها, وهو كتاب يخلو من أي منهجية علمية ، كالمنهجية الاستنباطية , منطلقاً ليصل إلى النتيجة التي وضعها ثم ذهب يبحث هنا وهناك عما يسند هذه وهناك فرق كبير جداً, أنت عندما تبحث قضية من خلال أدلتها، من خلال نصوص السلف وغير مُقرر في البداية النتيجة واعتبر الحميدي قول المؤلف « لم يعد مسلماً إلا أنا ومَن حولي» . بالقرار الخطير جداً وعظيم للغاية يصل إليه الإنسان , وقال ان الكاتب شعر أنه فاقد للحجة القوية فعمد الى أسلوب مشهور جداً عند أرباب ما يسمى بالتيار (الغنوصي ) وهو تهويل العبارة. تهادي الملوك والرؤساء مع الدول غير المسلمة يتوافق مع السيرة النبوية ويقدم وجهاً مشرقاً للمسلمين وقال: هذا تيار فكري له أهداف خفية، كل شخص له أهداف خفية لا يظهرها إلاّ في مراحل معينة، يضع أهدافا أخرى تُسوق له وتُروج له حتى يصل إلى مبتغاه، فإذا وصل إلى مبتغاه أظهر في الحقيقة أهدافه الخفية الحقيقية، يسلك هذا دعاة باطنية كثيرون، دعاة تنظيمات سرية مجهولة، يسلك هذا حتى بعض المجرمين بأهداف إجرامية معينة, يسمونه التيار الغنوصي فيه غموض تيار هلامي خفي، لا تعرف أوله من أخره، لا تعرف ظاهره من باطنه، يعتمد الضبابية. وأكد ان الكتاب يضخم العبارات ويضطر تحت تضخيم العبارات إلى أن يطعن مقدمة للطعن في كل عالم أو مفكر أو مسلم آخر يخالفه الرأي، ليسقطه بالعبارات العظيمة الفخمة, كما صنع الخوارج الأولون أسقطوا حتى الخلفاء الراشدين كعثمان وعلي ، بتهويل العبارات ليسوقوا لرأي مجتزأ بل فاسد عقلاً ونقلاً من آرائهم الخاصة بهم ، والثالثة تصوير أنفسهم كصاحب هذا الكتاب إنه هو المنقذ من الضلال _ إن صحت العبارة وورط الإمام الغزالي من قديم وسلك مسالك فكرية كثيرة جداً حتى اقتنع في مرحلة من مراحله إنه هو سيؤلف كتبا تنقذ من الضلال, ثم نفسه هو عرف أن كتبه هذه لا أنقذت من الضلال بل كانت هي من جنس الضلال فتركها أيضاً. واضاف «تصوير النفس بأنه هو المنقذ من الضلال، هو حامي حمى التوحيد _ أنا قرأت له عبارات _ وإنه هو الذي سيأتي من وراء الصفوف يذب عن التوحيد الخالص وكذا، هذه كلها عبارات تسويقية مثل صاحب بضاعة مغشوشة فاسدة يبهرجها ويزخرفها ليروج لها لا أقل ولا أكثر». وقال ان المؤلف يعمد إلى أمور هي مباحة في الشرع ولم يتصور بعد ذلك أن يصل إلى مرحلة خطيرة كهذه يعتمد على مثل هذه القضايا هي أمور مباحة، بل هي أمور فعلها النبي – صلى الله عليه وسلم _ فيبني عليها ، ويجعلها مواخذة مكفرة مثل تبادل الهدايا مع رؤساء الكفار يأتي مثلاً ملك في السعودية أو رئيس دولة مسلمة يتبادل هدايا مع رئيس دولة كافرة, التهادي مع الكفار فيجعله هو صورة من صور أو دليل حتى يبني عليه قضية أن هذا الحاكم كافر وإنه موال للكفار والدليل إنه تبادل الهدايا مع الرئيس الامريكي، تبادل الهدايا مع الرئيس البريطاني، وإذا رجعت إلى أصول الإسلام بالحقيقة و أفعال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ تجده تبادل الهدايا وقَبِل الهدايا مع كل طوائف المشركين ليس فقط, قبل الهدايا من اليهود النبي _صلى الله عليه وسلم تهادى معهم, وتهادى وتقبًل الهدايا من النصارى مع رؤساء وملوك كما سأذكر أدلة ذلك وقبل الهدايا وتهادى حتى مع المشركين الوثنيين, ليس حتى المسالمين ولا هذا بل حتى المحاربين , وحتى تبقى القضية منهجية وتبقى قضية لا أحد يقول ربما خاصة بالنبي _ صلى الله عليه وسلم _ فعلها كذا, الإمام البخاري أصًلها أصلاً في «الجامع الصحيح» في كتاب اسمه (كتاب الهبة والهدية), الذي ذكر هدية النبي _ صلى الله عليه وسلم _ لملك أيليا بلدة في فلسطين كان يملكها نصارى والذي أرسل إلى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بغلة بيضاء تسمى ( الدندق ) كان ركبها النبي يوم حنين في غزوة حنين، وكساه برداً وأجازه النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاب أمان ، بناء على هذه التوادد, والمسالمة مع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ ولا يريد المعاداة ويريد الموادعة, فجعل الهدية إلى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ سبيله, وردً النبي _ صلى الله عليه وسلم _ عليه بهدية وكتب له كتاب أمان له وببحرهم أي بكل من تحت رعيته, تبادل الهدايا مع أوكيد الدومة, تبادل الهدايا مع بعض المشركين، كما في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر ,أن رجلا من المشركين جاء وكانوا في سفر مع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ وكان معه غنم فقال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ تعطينا بيعاً ام هدية، تهدينا أم لا ، قال بيع ما عندي هدية فاشترى منه النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فقوله ( أوهدية) أي الأمر فيه مساحة فيه متاح وقبل هدية اليهودية زينب في خيبر التي وضعت فيها السم شاة مسمومة، قَبِلَها وأكلها وتأثر بذلك السم _ عليه الصلاة والسلام _ ، ويحق للملوك المسلمين أو بعض من أفراد المسلمين تهادي مع الكفار لمصالح معينة يقدرها لإظهار وجه مشرق، يعني عند المسلمين في الموادعة والتسامح أو نحو ذلك , أي خلل في ذلك أصلاً كخلل شرعي فضلاً عن ان تكون مؤاخذة. وبين الحميدي أن هناك فرق العطن الفكري وبين الجهل , وكثير من النصوص الشرعية إما أن تؤل تأويلا خاطئا أو إنها تُجهَل تماماً، ثم يأتي الشخص ليبني فكرا قائماً ويكون نتاجه فكرة أو تفسيقا وهو في الحقيقة لم يعلم النص الشرعي ولم يفهمه ولم يؤوله, كما فهمه السلف, نريد نماذج أخرى من هذا الكتاب , يعني لعل المشاهد يطلّع ويرى بأن هذه الكتب التي يستند عليها كثير من أهل التكفير والتفسيق إنما هي كتب حماسية وعاطفية لا أكثر وإنها تتعارض مع النص الشرعي. وقال الحميدي ان الكتاب ظهر لي أنه يعني يتوافق مع طرح وفكر الخوارج الأولين سواء في النتائج أو في المداخل , ومن حيث النتائج فهي وسائل الخوارج الأولين تكفير كل المسلمين بما فيهم الصحابة وبما فيهم حتى الخلفاء الراشدين كعثمان وعلي, وهذه المنهجية والمدخلية الخطيرة كشفها الصحابة في منهج الخوارج الأولين ، البخاري رحمه الله في كتابه ( استفهامة المرتدين والمحاربين وإقامة الحجة عليهم ) عقد أول باب فيه، قال فيه ( باب قتال الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم) ,كشف فيه الالتوائية, وسُئل ابن عمر في الصحيح البخاري عن الحرورية, -هي اسم من أسماء الخوارج الأولين-، فقال هم شرور خلق الله هم شرار خلق الله ذهبوا إلى آيات أنزلها الله في الكفار فجعلوها على المؤمنين وبنوا عليها أحكامهم الخاطئة. واكد ان تم العمد في الكتاب إلى آيات لم ينزلها الله في المؤمنين ولا في المسلمين ولا حتى في ضعاف الإسلام وإنما أنزلها في كفار صرحاء فلووها ليًاً عظيماً فجعلوها على المسلمين وهكذا واشار الحميدي الى ان الكتاب مراجع فكر التكفير والغلو, وقال: لقد جعل الكتاب كل أنواع المصالحات والموادعات والمعاهدات التي يوقعها أمراء المسلمين أو حكامهم مع اي أمم ودول كافرة ينتج منها نوع من المصالحة كما تحدثنا في حلقات سابقة أو نوع من الموادعة أو نوع من كف الاعتداء,كما يسمى في عالمنا اليوم معاهدات عدم اعتداء توقعها الدول بعضها مع بعض, أو حتى الاشتراك ضمن مواثيق دولية كالمواثيق الحاضرة التي ينتج فها رعاية حقوق معينة تتفق عليها أصول البشر ويُستخَدم فيها القياس البشري ,ويجعلها ناقضة يجعلها كلها ناقضة لأصل الولاء والبراء الذي يجب أن يكون عليه المؤمن وبالتالي جعلها كلها من أدلة التكفير التي قصدها. واضاف : إذا قصدنا في حلقات سابقة إن ممارسة النبي _ صلى الله عليه وسلم _ لأنواع المعاهدات والمصالحات وهذه ليست قدحا من قريب ولا من بعيد في الولاء والبراء وإنما هي تحقيق أكبر قدر ممكن من المصلحة للأمة المسلمة, لا ، ليس مطلوبا من الأمة المسلمة أن تكون طول حياتها محاربة وطول وقتها مقاتلة ليس مطلوبا من المسلم أن يكون متى يبني متى يتعلم متى يستقر متى ينمو المجتمع المسلم إذا تعادى مع كل الاطراف وإذا استعدى حتى كل الأطراف, النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال: «اتركوا ما تركوكم» . وأكد الحميدي أن مؤلف كتاب «الكواشف الجلية» يأتي بنصوص ليست مكانها ويستدل بها على أمور تكفيرية يكفر بها المجتمع الإسلامي أحيانا بأكمله , ناهيك عن ولاته أو علمائه لا المجتمع بأكمله يكفره, يقول: فيا علماء الإسلام والتوحيد هل يحرم دم المال من آمن بالقوانين الدولية؟ وكأنه يقول أصبح الدم والمال حلالا ثم يقول هل يحرم دم ومال القوانين الدولية وشارك في تشريعاتها وتابعها وصادقها بل جالس أهلها وناصرهم وظاهرهم ثم يقول أيضأ هل يحرم دم أو مال من آمن بقوانين مجلس التعاون الخليجي ثم يقول هل يحرم دم أو مال من دخل في دين ميثاق الجامعة العربية ( جعل الميثاق الدين ) أصبح يسمي المواثيق التي تجمع الدول تجمعا.