الجريمة الشنيعة النكراء، التي ارتكبتها يد الغدر في مسجد الإمام علي بالقديح قبل أسبوع وراح ضحيتها عشرات الأبرياء، أكدت متانة الوحدة الوطنية، وبرهنت على الوعي الجمعي العميق لأخطار الإرهاب وأهدافه الشريرة، التي تسعى لشق الصف وإثارة الفتنة بزرع الأحقاد والإحن والشكوك بين المواطنين حين تستهدف طائفة من أبناء هذا البلد، لكن خاب ظن ومسعى المجرمين، فقد تنادت الأصوات، من جميع أرجاء الوطن، منددة بالاعتداء، ورافضة المساس بأمن أي جزء منه والحرص على صون دماء أبنائه في جميع مناطقه وطوائفه. ورأينا الوفود تتقاطر، طوال الأسبوع، على القطيف للتعزية والمؤاساة؛ تأكيدا لهذه المعاني والقيم والمبادئ. وقبل هذا الشعور الصادق والتعاطف الكبير من أبناء الشعب السعودي مع أسر الضحايا، أعلنت القيادة أن المجرمين سيلقون العقاب الرادع، وأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات أمام الدولة، وأن أمن الوطن مسؤولية الدولة، وهي قادرة بحول الله وقوته على صونه وحمايته والوقوف في وجه كل من يريد به شرا أو كيدا. وكانت الزيارة التي قام بها المسؤولون، وعلى رأسهم سمو ولي العهد، إلى موقع الحدث تأكيدا لهذا الحزم والعزم الذي يبث روح الاطمئنان والسكينة في النفوس والقلوب، وتأكيدا على أن أجهزة الدولة قادرة على مواجهة الإخطار التي تحاك ضد الوطن واستقراره وأمن أهله ومن يقيم على أرضه.. وتأتي الجريمة الإرهابية الثانية في مسجد حي العنود بالدمام، التي راح ضحيتها أبرياء في بيت من بيوت الله، لتؤكد أن المجموعات التخريبية قوة ظلامية لا تصغي لصوت العقل أو وازع الضمير ولا يحكم تصرفاتها وأعمالها شرع أو دين، وهي تستخدم أفرادا غيبت عقولهم وعميت بصائرهم، فلم يعودوا يفرقون بين حق وباطل، أو بين حلال وحرام، وباتوا «آلات دمار» عمياء ينفذون أهداف من لا يريد لهذه البلاد أن تبقى مستقرة آمنة. لكن، مرة أخرى، سيؤكد المواطن السعودي أنه أوعى من أن تخدعه أباطيل هذه القوى الشريرة، ولن تغير إصراره وموقفه المبدئي من التمسك بوحدته الوطنية ومساندته لإخوته في كل مكان من هذا الوطن، على مختلف طوائفهم ومذاهبهم، وسيجعل من هذه الوحدة قوة متجددة ورمزا لمواجهة الأخطار التي يصدرها أعداء الحياة وكارهو الوئام والتآلف، وستكون حاضنة تحمي رجال الأمن الذين يضحون بأرواحهم من أجل الجميع. سيقول المواطنون السعوديون المخلصون لهؤلاء القتلة: خاب مسعاكم وتعثرت خطاكم ولن تفحلوا أبدا في تحقيق أهداف من صرتم له أدوات ضد وطنكم.