بمجرد هطول بضع زخات مطر على الحلبة (90 كلم شرق اليتمة بمنطقة المدينةالمنورة) تنفصل القرية عن العالم، فلا دخول ولا خروج حتى يجف الطريق الترابي الذي يصبح زلقا ما يشكل خطرا على سالكيه. فيما لا تتوقف معاناة الأهالي عند هذا الحد، فغياب المدارس يدفع الطلاب لاعتلاء أسطح الوانيتات للوصول إلى المدارس التي تبعد ما لا يقل عن 30 كلم عن القرية، ناهيك عن غياب المركز الصحي وتدني مستوى الخدمات البلدية وشح المياه، فيما يأمل الأهالي أن تنال القرية اهتمام المسؤولين أسوة بمناطق وقرى وهجر المنطقة. وفي جولة «عكاظ» على القرية لسؤال أهلها وخاصة كبار السن عن احتياجاتهم ومتطلباتهم، أجمعوا وبصوت واحد على احتياج القرية ل«ماء وشبكة اتصال»، ففي البدء شرح العم عابد بن فلاح السهلي أحد مسني قرية الحلبة قليلا مما يكابده الأهالي قائلا: نحضر الماء الصالح للشرب بشق الأنفس من آبار بعيدة عن القرية وأكثرهم مالا ومرتبة هو ذلك الذي يستطيع أن يحضر «صهريج ماء» لكي يملأ به خزانات وضعها أمام منزله حتى لا يكون بعيدا عن البيت. وأوضح حاتم عايد السهلي من هجرة الحلبة أن هجرته تعاني نقصا حادا في المياه وخطوط الهاتف، مشيرا إلى أنه لا يوجد مركز صحي بالقرية كما تنعدم مدارس البنات والبنين رغم الارتفاع المتنامي لعدد الأهالي بالقرية، مضيفا أن الأهالي يعانون من قصور في التعليم والصحة بالإضافة إلى انعدام شبكات الاتصالات، لافتا إلى أن الأهالي يتحملون هذا النقص في الخدمات على أمل أن يأتي يوم تعير فيه الجهات المسؤولة هجرتهم بعضا من الاهتمام، فيما يعرج على مشكلة أخرى تتمثل في أن الطريق الموصل للقرية يصبح أثرا بعد عين حين هطول الأمطار، حيث تجرف السيول الطريق الزراعي ما يتسبب في عزل السكان عن الوصول لطريق المدينةالمنورة أو اليتمة ما يضطر معه بعض الأهالي الخبراء بالطرق لاستخدام الطرق الترابية البعيدة كي يؤمنوا العيش لأسرهم لحين انتهاء أزمة الأمطار والسيول. وأردف السهلي بقوله: حرم سكان القرية من خدمة الاتصال الهاتفي سواء الأرضي أو الجوال فيضطر بعضهم للصعود والتسلق لرؤوس الجبال لالتقاط إشارة علهم يستطيعون إجراء مكالمات توفر عليهم الكثير من الوقت وبعضهم يقطع مسافة طويلة يبلغ طولها عشرة كيلومترات في اتجاه مركز اليتمة أو قريب منها للغرض ذاته ولكن بعض السكان من النساء وكبار السن لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك. وأبدى المواطن علي بن عابد بن فلاح السهلي (أحد السكان) استياءه من عدم توفير خدمات الاتصال لديهم سواء الهاتف الثابت أو الجوال، مشيرا إلى أنهم انتظروا خدمات الهاتف والجوال منذ سنوات طويلة ولكنها لم تصلهم وأضاف: نضطر لقطع مسافة تزيد على ثمانية كيلومترات كلما أردنا إجراء مكالمة هاتفية، ويتساءل بألم: هل يعقل أن نبقى دون وسائل اتصال بالقرية؟ من جانبه، أشار فلاح بن عايد إلى أن الطريق الموصل لليتمة يصبح معدوم الفائدة حين هطول الأمطار وجريان السيول ولابد من لفتة عاجلة من قبل الجهات المعنية بعمل احترازات لهذا الطريق الوحيد الذي يوصل للقرية بغض النظر عن الطرق الترابية التي تسبب خطرا على من لا يعرفها ويسلكها حين هطول الأمطار، وأضاف فلاح أن رنين الهواتف الجوال حلم الأهالي، لافتا إلى المعاناة الكبيرة التي يواجهها الأهالي في الهجرة نتيجة خلوها من المدارس، ومن يرغب في مواصلة تعليمه بدءا من الابتدائية طالبا كان أو طالبة عليه السفر يوميا مسافة لا تقل عن 30 كم ذهابا وإيابا لمركز اليتمة عبر طريق متعرج بين الجبال يفتقد للوحات الإرشادية ما يكبد الأبناء مشاق الذهاب والعودة للمدرسة كل يوم دراسي، مطالبين بتوفير وسائل نقل مدرسي للطلاب والطالبات لإنقاذهم من وسائل النقل المتهالكة والمكشوفة للوصول إلى مدارسهم. من جهته، أوضح ل«عكاظ» مدير عام المياه بمنطقة المدينةالمنورة المهندس صالح جبلاوي أن بعض القرى والأحياء البعيدة عن المدينةالمنورة تستفيد حاليا من السقيا من خلال مقاول متعاقد مع المياه لحين استكمال مشاريع المياه المرحلة الثالثة التي ستغطي كافة منطقة المدينةالمنورة حتى عام 1450ه.