أجمع مفكرون ومحللون وخبراء سعوديون على أن داعش أحرق أوراقه بفعله الفاضح في بلاد الحرمين، كونه تطاول على أبرياء آمنين ما يؤكد أن هذا الفكر بريء من الإسلام ومبادئه وقيمه وأخلاقه الحميدة والرفيعة. ويرى المفكر السعودي محمد محفوظ أنه يمكن القول إن ثمة علاقة موضوعية تصل في بعض الفترات إلى مستوى التخادم الموضوعي غير المباشر بين تنظيم داعش الإرهابي ومركزية المشروع الصهيوني في المنطقة ومده بأسباب التفوق النوعي على عموم الدول العربية والإسلامية وتضعيف الدول المركزية في المنطقة العربية ودفع الأمور على المستويين السياسي والميداني باتجاه تفتيت هذه الدول وتشجيع المكونات والتعبيرات الفرعية صوب بناء واقعها السياسي بمعزل عن شركاء الوطن، مستعيدا ما تشهده بعض المدن والقوى الاجتماعية والسياسية في العراق وسورية، ولفت إلى خطورة تنظيم داعش بعملياته القتالية وبنهجه المتطرف الذي يحارب كل من يختلف معه، وهو إحدى أدوات التفتيت الفعالة في المنطقة اليوم، مشيرا إلى أن نهج هذا التنظيم الطائفي أسهم في تأجيج نار الفتنة الطائفية في عموم المنطقة، كون تنظيم داعش الإرهابي يعتمد منهج خلط الأوراق لإرباك المنطقة وجعلها مشغولة بذاتها، داعيا إلى مواجهة داعش من خلال مشروع سياسي رائد وطموح للمنطقة يستهدف تعزيز أسباب التفاهم بين مكونات المجتمع وتطوير نظام التعاون بين دول المنطقة، وبناء الانسجام بين مؤسسة الدولة وقوى المجتمع المختلفة، مشيرا إلى أن إرهاب داعش إرهاب صريح ومباشر يخترق كل الأعراف والقوانين البشرية ويجد الرفض المطلق، كونه موجها للعالم أجمع بلا استثناء، وهو ما يوجب على العالم بلا استثناء أن يقف ضده، بل ويحشد الجيوش لحربه حربا معلنة وصريحة، كون ذلك موقفا أخلاقيا وإنسانيا لا يسمح لأحد بالتقاعس، ومن يتقاعس يتنازل عن إنسانيته صراحة، كونه كمن يعلن اللامبالاة بالكوراث الكونية ذات البعد الإنساني الخالص، ويرى المحمود أن خطاب داعش شديد الإقصائية ومبني على المصادمة الصريحة لبدهيات حقوق الإنسان، ولذا يوغل في البشاعة والتوحش ويكشف بالقول وبالفعل الصريحين عن مآلات أي نفوذ يتمدد فيه، إذ أن كل مساحة جغرافية يبسط نفوذه عليها يعني أن مستوى البشاعة الإنسانية في ازدياد، وأن تهديد هذه البشاعات بات أكبر خطر حقيقي على الحياة ذاتها وعلى الوجود ذاته، وليس على نوعيته فحسب، لافتا إلى أن الجميع مستهدف، وكل دقيقة يترك فيها يعني أنه يزداد قوة، وكل قوة يحظى بها تعني أن مستوى الكارثة الإنسانية في اتساع لكون القوة هنا تعني مباشرة تمددا في النفوذ الجغرافي، ومن ثم وقوع أكبر عدد من البشر تحت سيطرة هذا التوحش الإرهابي، ما يعني اتساع دائرة الكارثة الإنسانية، ويذهب المحلل الأمني الدكتور عبدالله الكعيد إلى أن داعش تنظيم إجرامي بامتياز لا يختلف عليه إلا مكابر أخذته العزة بالإثم، مؤكدا أن ما وقع منه من تطاول على مصلين في بلاد الحرمين سينعكس سلبا عليهم ويرتد إجماعا وطنيا ضدهم، كون وحدتنا الوطنية تتعزز أمام أفعال داعش الإجرامية، وتطاولهم على آمنين في بيت من بيوت الله سقطة كبرى وقع فيها منظرو ومدبرو تفجير القديح كونهم يؤصلون لنبذهم اجتماعيا وثقافيا ودينيا ووطنيا ونبذ كل من صمت عن فعلهم أو أبدى تعاطفا معهم في أي ظرف كان، ويلفت أستاذ علم الجريمة والجماعات المتطرفة في جامعة القصيم الدكتور يوسف الرميح أن فكر داعش يعتمد في المقام الأول على فكر الخوارج المتشدد التكفيري، وأن ما يجمع أتباعه يتمثل في عوامل التكفير والتطرف والتشدد في فكر الخوارج، مشيرا إلى أن منهج الخوارج والتكفيريين الداعشيين يبيح لهم القتل بدم بارد دون أدنى تحفظ وبانتهاك صارخ للإنسانية وقيمها ما يمثل استهتار واستباحة للدماء المعصومة والمحرمة، مؤكدا أن داعش لا يملك مقومات النجاح كونه حركة عنصرية متطرفة تكفيرية بعيدة عن الواقع، ولا يستطيع التعايش مع المحيط الاجتماعي واستطاع بسهولة أن يكسب آلاف الأعداء سواء كانوا جماعات أو أفرادا أو دولا بسبب الوحشية المتناهية في التعامل مع الناس والدموية المفرطة، داعيا الجميع إلى تضافر الجهود الفكرية من مؤسسات الإعلام المختلفة ومؤسسات التعليم والمؤسسة الدينية من خلال المساجد والجوامع والمؤسسات الأسرية بأدوارها المختلفة إلى مواجهة هذا المد التكفيري.