لطالما تعودنا أن يخرج علينا المجاهد الإلكتروني حسن نصر الله من مخبئه منفعلا ومنتقداً سياسة المملكة، ساردا عددا لا يحصى من الأكاذيب البعيدة عن الواقع؛ لأنها في اعتقاده تنضوي تحت ستار التقية، ولعلي أعتب على نفسي وعلى بعض الكتاب في تأخرنا للرد على ترهاته، والتي تهدف إلى تشويه صورة المملكة أمام أولئك الذين لا يقرؤون التاريخ جيدا، والحقيقة أنه ولتفنيد أكاذيبه نجد أنفسنا بحاجة إلى مجلدات، لكني سأقوم هنا بتفنيد بعض منها بقدر ما تسمح لي به هذه السطور: أولا يدعي نصر الله أن السعودية هي من أشعل الحرب العراقيةالإيرانية، والتي استمرت ثماني سنوات: في العام 1975، وبعد اتفاق صدام حسين «نائب الرئيس العراقي وقتئذ» مع شاه إيران لتقسيم شط العرب طالب الشاه صدام حسين بتسليم الخميني الذي كان يقيم في مدينة النجف العراقية، أو على الأقل طرده من العراق، وبالفعل قام صدام بطرد الخميني الذي توجه إلى منفاه في العاصمة الفرنسية، وعقب قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وتسلم الخميني للسلطة كانت إزاحة صدام حسين من السلطة أولى أولوياته بعد أن وصفه بكلب بغداد، وأمر بضرب بعض القرى الحدودية العراقية لإثارته، وقد ذكر سفير العراق السابق لدى الأممالمتحدة صلاح عمر العلي بأنه نصح صدام بالتروي قبل الدخول في الحرب، وهو ما رفضه صدام بإصرار، «ويؤكد حامد الجبوري وزير شؤون الرئاسة العراقية آنذاك هذه الواقعة». ثانيا يدعي نصر الله أن المملكة خذلت الشعب الفلسطيني: بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 طالبت المنطمة الدول العربية بحصص مالية تساعدها في تحرير أراضيها، وقد كانت المملكة من أكثر الدول التزاما بسداد هذه الحصة، وحسب اعترافات السيد رفيق النتشة ممثل المنظمة في المملكة في فترة الثمانينات، أضف إلى ذلك أنه عندما اجتاحت إسرائيل لبنان عام 1982 للتخلص من منظمة التحرير واغتيال ياسر عرفات، والذي كان يقيم بلبنان وقتذاك، مارست المملكة، وعلى الأخص الملك فهد رحمه الله، ضغوطات كبيرة على إدارة الرئيس الأمريكي ريجان ليضمن له خروجا آمنا هو وقواته، وهو ما حدث بالفعل. ثالثا يدعي نصر الله أن إيران ليست مهيمنة على اليمن، مطالبا المملكة بدليلها على ذلك، وهنا أدعوه لمراجعة تصريح علي أكبر ولايتي، والذي قال فيه إن نفوذ إيران اليوم يمتد من اليمن إلى لبنان، كما أدعوه لمراجعة تصريح حيدر مصيلحي، والذي أكد فيه أن إيران تسيطر فعلا على أربع عواصم عربية، وأتساءل: لماذا أعلنت إيران اعتزامها التواجد الدائم في خليج عدن، فهل لها حدود تتشاركها هناك؟ رابعا يدعي نصر الله أن إيران لا تتدخل في الشأن العراقي، وندعوه مجددا لمراجعة تصريح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المنشور يوم الخميس 16 أبريل 2015 بضرورة احترام إيران لسيادة العراق. خامسا يدعي نصر الله أن سبب رغبة المملكة في إزاحة نظام الأسد هو أن المملكة ترغب في أن يكون الأسد تابعا لها، وأن الأسد يرغب في أن تكون سورية دولة مستقلة، والجواب إن كان الأسد يرغب في أن تكون سورية دولة مستقلة، فلماذا يستعين بحزب الله اللبناني لقمع السوريين المقاومين لحكمه، ولماذا قام الأسد بتصفية جنرالاته الذين تململوا من التدخل الإيراني وآخرهم رستم غزالة؟ أخيرا يدعي نصر الله أن إيران لا ترغب في التدخل في شؤون جيرانها: إن صدق نصر الله في ادعائه فليته يخبرنا لماذا تشن إذن قنواتها الإعلامية كالمنار والعالم حربا شعواء لتأليب الشعوب الخليجية؟ إن خير ما أختتم به هذه السطور هو أن الشعوب الخليجية شعوب واعية تقدر جهود حكامها في إرساء الاستقرار والحفاظ على حقوقها، وهو ما يفتقده تماما الشعب الإيراني الذي تتم المجازفة به وبحقوقه، وأولها حقه في الحياة الكريمة.