وإن ارتفعت أحيانا في الرياضة أصوات دعاة التعصب، إلا أنها سرعان ما تخفت، لدرجة نكاد ننسى مع خفوتها سحنات وعبارات أصحابها! لا أخشى على الرياضة من المتعصبين، ولا أخاف على الرياضة من صخبهم، فثمة من يعرف أن حدود تأثيرهم في زمن التنوير لا يتجاوز محيطهم الذي مساحته تضيق من يوم إلى آخر! أخاف فقط من جهلة يتوزعون على المنابر الإعلامية، يشتمون هذا، ويتهمون ذاك، ويحقنون من معهم في خندق الشتم بمصل تعصبي من نوع آخر! وأخشى على الوسط الرياضي من إعلام تويتر الذي هو اليوم الخطر الحقيقي على الرياضة، ولا سيما أن هذا الإعلام مفتوح على كل الاتجاهات، وله جمهور يجيد إدارة اللعبة، وأدوات اللعبة فيه إعلاميون منتمون لوسائل الإعلام، كتاب ومحررون ومديرو تحرير وفزاعة يستخدمون وقت الحاجة! الرياضة التي يوصمون المنتمين لها بالتعصب هي براء من هذه التهمة، ففي عالمها الجميل مخرجات تستحق الاحترام من حيث الوعي والمحبة والمنجز والعمل من أجل الرياضة بهدوء، وفيها من الهامات والقامات ما يجعلنا نقول: لو ما قدمت لنا الرياضة إلا هؤلاء لكفانا لها حبا وتقديرا! لقد أبرق معالي وزير الإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، عبر تصريح لوكالة الأنباء، برسالة واضحة عن خطورة التعصب الرياضي، ضمنها ثقته في المجتمع الإعلامي والرياضي الذي هو قادر على التصدي للتعصب في مجتمع يرفض التعصب والغلو! هذه الرسالة التي قدمها لنا معالي الوزير جأت على خلفية أخطاء مهنية تم تداولها في إحدى وسائل الإعلام، ومن خلالها كان لا بد أن نستشرف آفاق هذه الرسالة ونعمل على ضرورة الاطلاع بدورنا في وسط يدعو للتسامح! ولأن القضايا الرياضية أكبر من أن تختزل في فريق فاز وفريق خسر، وجب من الآن البحث عن ضرورة إعادة حساباتنا الإعلامية، والتي أهمها أن يتدخل أصحاب الفكر النير في إدارة العمل الإعلامي الذي هو اليوم محط استهجان ونقد لاذع من الجميع، ولا بأس أن يتم تحييد إعلاميي تويتر عن وسائل الإعلام، أعني الشتامين الذين أمطروا الإعلام الرياضي بنقاط سوداء هي اليوم عناوين أساسية في التعاطي الإعلامي! ولنكن أكثر صراحة، يجب أن نسترد الإعلام الرياضي أو بعضه من قبضة بعض الأندية، وأعني بالاسترداد هو أن يعمل الإعلامي للوسيلة الإعلامية في النادي، وليس للنادي في الوسيلة الإعلامية، كما يجب أن نلغي التقسيمات الحاصلة في الإعلام، والتي فيها انتماء معلن للأندية في الصحف والبرامج! أعرف أنني أتحدث هنا بما لا يرضي شريحة كبيرة في الإعلام، والذين امتهنوا تلوين المنابر الإعلامية دون حياء من المهنة وأخلاقياتها! ولكن أدرك أن المرحلة القادمة مرحلة تصحيح أخطاء واضحة في الإعلام، وأتمنى أن يأتي التصحيح من داخل المؤسسات الصحفية التي استغرب سكوتها على إعلاميي السلفي وشتامي تويتر! أيضا، هناك أعضاء شرف ورؤساء أندية ممن يحتاجون إلى توجيه، فثمة من يهوى الإساءة للآخرين تحت ما يسمى الرأي الآخر، في وقت أجزم فيه أن الصورة عندهم تقودهم إلى أن يقولوا أي شيء! أخيرا.. أي ليل كان ليل أمس!