أكد عضوا شورى أن قيام يزيد أبو نيان والذي كان مبتعثا للدراسة في أمريكا، بإطلاق النار على دورية أمنية وقتل رجلي الأمن فيها، لا يقلل من أهمية الابتعاث ولا ينال من ضوابطه، مشددين على أنه لا يمثل إلا نفسه. وتحدث ل«عكاظ» عضو لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس الشورى الدكتور أحمد بن سعد آل مفرح، قائلا: السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا عملنا معه عقب الإشكاليات القانونية التي تعرض لها هناك، وانتهت بإعادته إلى المملكة، كان من المفترض أن تدرس حالته على وجه التحديد، للوقوف على أسباب ومسببات هذه الإشكاليات، كنت أتمنى لو أنه خضع لبرنامج تأهيلي فور عودته والتعرف على الأبعاد التي ينطلق منها للعمل على تلافيها مع طلبة آخرين. يواصل آل مفرح: «عدد الطلبة المبتعثين أكثر من 100 ألف مبتعث ومبتعثة حول العالم، منهم 60 ألفا في أمريكا وحدها، وعدد من يتعرضون لمثل هذه الإشكالات قليل جدا، إذا أخذناها كنسبة وتناسب، وبالتالي لابد أن يكون هناك دور واضح لأندية الطلبة السعوديين والمرافقين، وكذلك دور للملحقيات والمشرفين الأكاديميين في مباشرة حالات الإخفاقات التي قد يتعرض لها بعض الطلاب والطالبات، للتعرف على مسبباتها، والعمل على إيجاد حلول لها». وبين أنه من المهم جدا احتواء الشباب بشكل عام، والاهتمام بقضاياهم والبرامج الموجهة لهم، حتى لا تتكرر حالة يزيد في أمريكا أو غيرها، أو حتى من داخل المملكة، ويجب أن تتضافر جهود المجتمع والمؤسسات والجهات الرسمية لاحتوائهم من خلال إيجاد برامج مناسبة لتوجيههم التوجيه السليم، وشغل أوقات فراغهم في ما يعود عليهم ووطنهم بالنفع. من جانبه، أوضح عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور زهير بن فهد الحارثي أن الإشكالية لا تكمن في الابتعاث وضوابطه، بل في المرحلة التي تسبقه، والتي تشكل فكر الطالب، وهي التي تستغرق وقتا بلا شك لتصل إلى مرحلة الاستيعاب. ولعل المشتبه به أبو نيان الذي قام بهذه الفعلة الشنيعة، ما هو إلا حالة شاذة لا تمثل طلابنا المبتعثين ولا تعني فشل برنامج الابتعاث، ولكنها كنموذج موجودة في مجتمعنا لعوامل عدة يطول شرحها، ومع ذلك الإفلاس الفكري والإحباط النفسي وشبق الشهرة والدعاية، تجدها من مرتكزات العمل الإرهابي، وهي بذور في تلافيف تلك العقلية السيكوباتية المريضة التي لا تنمو إلا في عالم التناقضات الحدية، حيث تجد صاحبها صريع الموجات الفكرية التي لا يمكنه مواجهتها أو فلترتها، وبالتالي يصبح أسيرا لمساراتها وانفلاتها. وأضاف الحارثي: إن مسالة عدم الثبات الفكري إشكالية مستعصية يذهب ضحيتها صغار السن والمراهقون، وهو ما يفسر استهداف الجماعات المتطرفة لهذه الشريحة التي تستخدمها بكل سهولة كأدوات تفخيخية من أجل تحقيق مشاريعهم وأجندتهم، ولا شك أن ثقافة التطرف، أو لنقل شجرة التطرف، قد تموت شكلا وهيكلا ولكنها تبقى واقفة وماثلة للعيان مضمونا وجوهرا ما لم نستطع اقتلاع جذورها، بدليل أنه رغم مجابهته بكافة الوسائل ما زال قائما. وأكد الحارثي أن الأمر لا يتعلق ببرنامج الابتعاث ذاته، بقدر ما يكمن الخلل في المراحل التعليمية التي تسبقه، وهي الوعاء الذي يبلور الشخصية ويسكب فيها المعارف الدينية والثقافية والتعليمية، ما يعني ضرورة مراجعة المناهج التعليمية التي بالضرورة تشكل عقلية الطالب وتوجهاته ورؤيته وقناعاته، وذلك بتكريس مفهوم الإسلام الوسطي المعتدل، وأن بلادنا قلب العروبة والإسلام، وكذلك تعزيز مفاهيم التسامح والتعايش وقبول الآخر فكرا ورأيا. والتركيز على التعليم المعرفي لا التلقيني وفسح مساحات للنقد الموضوعي والاهتمام بالفنون والمسرح والآداب، مؤكدا أن هذه منظومة فكرية وثقافية واجتماعية من أجل تشكيل مجتمع واع ومستنير ومثقف متمسك بدينه وحضارته ومنفتح على الآخر ومتطلع للتفاعل والتواصل والإنتاج في هذه القرية الكونية. وهذه المعادلة كفيلة بأن تحصن شبابنا من الاختراقات؛ لأنها ستشكل حصنا منيعا بثقافته وفكره، فيتمسك بعقيدته ويحمي وطنه معززا وحدته الوطنية وقادرا على مواجهة المغريات بالحجة والقدرة العقلية العلمية والحس الوطني الصادق. واختتم د. الحارثي موضحا أن الجماعات التكفيرية كالقاعدة وداعش تنطلق من حاضن فكري واحد كالزعم بامتلاكها الوصاية والحقيقة المطلقة، إلا أن ما يجمع بينها هو استهدافها الشباب وتجنيدهم من أجل القيام بعمليات إرهابية لأجندة سياسية خالصة.