تحت هذا العنوان وفي كتابه (التنمية وجها لوجه) الصادر عام 1401ه (1981م) تناول الدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) العلاقة بين الوزير من جهة، والمواطن من جهة أخرى، بادئا ذلك بقوله: «إن كل من تصدى للعمل الإداري هو خادم للجمهور، وللجمهور عليه حقوق السيد على الخادم» ورأى أن أي مسؤول، تنقطع صلته المباشرة بالناس، سرعان ما يصدأ، في قوقعة بيروقراطية، لا يدخلها الهواء النقي وقال: «إذا كان هذا هو شأن أي مسؤول عادي فهو بالأحرى شأن الوزير، ومن هنا فإنني أعتقد أن الوزير، الذي لا يتنفس هموم المواطنين، ولا يتابع تطلعاتهم، ولا يستمع إلى شكاواهم، ولا يحترق مع مشكلاتهم، هو إنسان عاجز، فاشل، وإن تعددت مقاييس نجاحه الأخرى». *** ووصف التعامل المباشر مع المواطنين بأنه «عملية بالغة الصعوبة، وتستهلك الكثير من وقت الوزير ، وفكره، وأعصابه، ولكنها عملية بالغة الحيوية، لا يستطيع الوزير أن يؤدي واجباته على النحو الأمثل، بدونها.» *** وذهب الدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) إلى أن هناك خدمة إدارية مهمة، يقدمها المواطنون للوزير، وهي أنهم يشكلون هيئة تحقيق ورقابة فعالة على أعمال الوزارة، وموظفيها، فالمواطن الذي يراجع الوزير، متظلما من أن معاملته معطلة منذ أسابيع في قسم ما، يعطي الوزير فكرة واضحة، عن كفاءة هذا القسم، والمواطن الذي يشكو للوزير، أن موظفا ما في الوزارة، قد نهره، أو شتمه، أو طرده، يعطي الوزير انطباعا، يختلف تماما عن الانطباع الذي سبق أن كونه عن ذلك الموظف، وهو يتصرف أمامه، كما لو كان تجسيدا حيا للأدب والأخلاق، وحتى المواطن الذي يطلب من الوزير، أمرا مستحيل التحقيق، يؤدي خدمة كبرى للوزير، إذ يذكره بأن الشوط أمامه إلى رضا النفس، ورضا الناس، لايزال طويلا وصعبا. *** رحم الله غازي القصيبي، فقد قلل من حدة التخلف الإداري، في الوزارات التي تسنم ذروتها، في مضامير فازت فيها الجياد الأصيلة.