في كتابه (التنمية وجها لوجه/ 1401ه 1981م ) وصف مؤلفه رحمه الله الدكتور غازي القصيبي، الوزير بأنه «قائد إداري» ووصف القيادة بأنها «فن التأثير في الآخرين» واشترط أن يكون ذلك «على نحو يجعلهم يتحركون، لتحقيق الأهداف التي يتبناها القائد» لافتا إلى أن هذا التعريف يصدق في كل ميدان، من السياسة إلى الإدارة، عبرا بالألعاب البدنية، فيما رأى أن تحديد الصفات المطلوبة في القائد أمر بالغ الصعوبة، وتساءل: هل يجب أن يكون القائد أذكى من غيره؟ أو أقوى من غيره؟ أو أكثر اطلاعا؟ أو أشد انضباطا؟ *** في رأي لي أزعم أنه شبه موضوعي، يظل عطاء الفئة المثقفة في القيادة الإدارية، ذا تأثير فعال، وتسنمها ذروة السلطة، لا يقف عند مجرد تفاعلها مع المجتمع، بل إن الوزير مطالب من وجهة نظري الشخصية بالخضوع لنظام دقيق، خضوع أجزاء الآلة للآلة ككل، وعدم التصرف من دون استعمال العقل، والبعد عن التقليد. *** نقل الدكتور غازي القصيبي عن الكاتب الأمريكي السياسي (هانس مورجتاو) قوله: «إنك تستطيع التأثير في الآخرين، على نحو يجعلهم يحققون رغباتك، عن طريق وسائل ثلاث لا رابع لها: أولها: أن يحبك الآخرون أو يحترموك، فيتصرفون كما تريد بدافع من هذا الحب أو الاحترام. ثانيها: أن يتوقع الآخرون منك المكافأة، فيتصرفون كما تريد، بدافع من هذا التوقع. ثالثها: أن يخاف الآخرون منك العقاب، فيتصرفون كما تريد، بدافع هذا الخوف. *** ورأى القصيبي: أن هذا التحليل السياسي يصدق بحذافيره على التصرفات الإدارية، ويصلح بالتالي أن يكون دليلا بتصرف الوزير، وكل مسؤول إداري في ضوئه. *** ومن هنا لا يحسن بالوزير كما قال «أن يتبع نمطا واحدا لا يتغير من السلوك، في كل المواقف، بل إن من واجبه أن يلبس إداريا لكل حالة لبوسها: الحب والاحترام مع الذين يؤمنون بالحب والاحترام، والترغيب مع الذين يجدي معهم الترغيب، والترهيب مع الذين تفشل الوسائل الأخرى معهم». *** غاب غازي القصيبي رحمه الله جسدا، وترك مدرسة في علم الإدارة، لها علماؤها، وأساتذتها، ومريدوها، وهو الشاعر، والخبير في الإدارة العامة، مواجها ما تعرض له من تحديات إدارية، وهدف سعى إليه، وأختم بقوله: «ليس هدف الوزير أن يكون محبوبا من موظفيه، ومراجعيه، ولا أن يكون مكروها من موظفيه ومراجعيه، ولا أن يخافه موظفوه ومراجعوه، ولكن أن يدفع بهؤلاء وهؤلاء نحو تحقيق الغايات الرئيسة، التي أنشئت من أجلها وزارته، واختير هو ليكون أداة المواطنين نحو تحقيقها». [email protected]