طالب مختصون المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالشفافية وتطوير النظام؛ ليلبي احتياجات المشتركين في المؤسسة سواء كانوا أفرادا أو شركات. وقال ل «عكاظ» رجل الأعمال المهندس عبدالعزيز حنفي: إن هناك غموضا لدى الكثيرين حول مؤسسة التأمينات ولا يعرفون عنها الشيء الكثير، حتى أصحاب العلاقة مثل أصحاب العمل والمشتركين من العاملين في القطاع الخاص، وعلاقتهم بها لا تتجاوز ما يدفعونه من اشتراكات شهرية. ويطالب المؤسسة بالشفافية والوضوح، وإظهار تقارير أدائها وميزانياتها وما تفعل المؤسسة، فمن حقي كصاحب عمل أو مشترك أن أعرف كل شيء عن المؤسسة التي أشترك فيها وأن يكون لها تواصل إيجابي وجيد معها، وأتمنى في عهد الشفافية والوضوح والحراك أن يشمل ذلك مؤسسة التأمينات. وقال الدكتور حبيب الله التركستاني (أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز): إن التأمينات الاجتماعية مفهوم جيد ولكن خدمات المؤسسة غير جيدة ولا تؤدي دورها الحقيقي والمطلوب في كفالة المؤمن عليه، وأحيانا تشكل عبئا على المنشأة دون طائل. ويظل السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي العوائد على أموال التأمينات بالنسبة للمؤمن عليه أو المستفيد؟. لذلك يفترض أن يكون نظام المؤسسة متطورا وله إسهامات تراعي مصلحة المؤمن عليه، وأن يكون حافز له، صحيح أن للمؤسسة مساهمات فيما يتعلق بمخاطر وإصابات العمل والإعاقات الناتجة عن ذلك، ولكن يجب أيضا أن تكون المؤسسة ديناميكية أكثر وتهتم بالعوائد والمنافع التي تعود على المشتركين أو المستفيدين، كما يجب أن تراعي مسألة مهمة جدا وهي أن تكون المعاشات التقاعدية التي تصرفها للمسفيدين متناسبة مع متغيرات الحياة ومستويات المعيشة. أما رجل الأعمال إبراهيم السبيعي فيرى أن التأمينات الاجتماعية مؤسسة وطنية مهمة تقوم بدور اقتصادي واجتماعي غاية في الأهمية يخدم شريحة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص، وتوفر لهم دخولا منتظمة تساعدهم وتمكنهم من مواجهة متطلبات حياتهم، عندما يصلون لسن التقاعد، وطالب المؤسسة بضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وخاصة المتقدمة، إقامة ورش عمل مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص، لتتعرف على ملاحظات ومطالب القائمين عليها والعاملين بها وتسمع منهم وتستفيد من مخرجات تلك الورش في تطوير آليات العمل لديها وفي تقديم خدمة أفضل. ويتفق الدكتور فؤاد أمين بوقري العضو المؤسس في الجمعية الوطنية للمتقاعدين مع ما طرحه الدكتور تركستاني حول استثمارات التأمينات منخفضة الخطورة وتعطي عوائد منخفضة لانخفاض المخاطرة، إلا إذا دخلت المؤسسة في استثمارات في شكل مؤسس، وقد أحسنت الدولة عندما أتاحت لها ولمصلحة التقاعد الحصول على حصص جيدة في أغلب الشركات المساهمة المطروحة للاكتتاب العام، كما دخلت المؤسسات التقاعدية في الاستثمار العقاري ولكنها استثمارات خجولة، أغلبها في الرياض، علما أن هناك فرصا قد تكون أفضل عوائد في المدن الأخرى في مناطق تحتاج استثمارات عقارية ولا توجد فيها منافسة كالمدن الكبرى. أيضا يدخلوا مستثمرين بضمانات جيدة عبر إقامة مشاريع كبرى مثل المستشفيات والتعليم. أما بالنسبة للخدمات فليس للتأمينات هناك أي خدمات مباشرة. في الجانب الصحي، هناك مستشفى واحد فقط في الرياض وهو استثماري، مطلوب استقبال المشتركين برسوم منافسة أو منخفضة. فالمؤمن عليه لا يجد خدمة أثناء عمله ولا بعد عمله، المؤسسة العامة للتقاعد قدمت بعض التخفيضات الخجولة، والمفترض أن تسعى المؤسستان للتعاقد مع الشركات للحصول على التخفيضات وخدمات مميزة للمشتركين، خاصة أن أعدادهم كبيرة، كذلك نطالب المؤسسة بإنشاء أندية رياضية وصحية وإزاحة هموم الحياة عن الموظفين والمشتركين، وهذا سينعكس إيجابا على الصحة العامة، والتعاقد مع شركات متخصصة ومستشفيات لإجراء فحوص دورية على المشتركين لمعالجتهم ووقايتهم قبل استفحال الحالات المرضية لديهم. وقال الكاتب الدكتور علي التواتي: إن استثمارات التأمينات يديرها فريق متخصص يتميز بالوعي والنظرة الصائبة، ويركز على الاستثمارات المضمونة وذات الإيرادات المرتفعة مثل العقارات التجارية والسكنية التي يمكن تأجيرها لجهات حكومية أو شركات، ودعا المؤسسة إلى امتلاك نسب كثيرة في مختلف الشركات المساهمة وتدير أصولها المالية بطريقة احترافية، كما أن المردود على المتقاعد في نظام التأمينات أفضل من غيره، ودعا المؤسسة لتقديم تسهيلات للراغبين في التقاعد ولا تكفي خدمتهم لأن يحصلوا على معاش تقاعدي ويرغبون في التقاعد عند بلوغ الستين، إن كان لديه خمس سنوات، تعطيه خمس سنوات أخرى بتقسيط معقول لا يتجاوز 25 %، من راتبه التقاعدي، وطالب بعدم حرمان الأرملة التي تعمل من راتب تقاعد زوجها المتوفى. ودعا لتسهيل إجراءات التأمينات، والتأمين على البطالة وإصابات العمل. من جهته، قال الكاتب غسان بادكوك: إن التأمينات الهدف منها توفير توفير مصدر دخل دائم للعاملين في القطاع الخاص بعد بلوغ سن التقاعد، أو التقاعد المبكر وأعتقد أن ما يحتاجه نظام التأمينات هو إعادة نظر شاملة في الكيفية التي يتم بها استثمار المبالغ المحصلة من المؤمن عليهم من أجل زيادة العوائد المحققة عن تلك الاستثمارات، مشيرا إلى أن هذه هو التحدي الأبرز الذي يواجه المؤسسات التي من هذا النوع . وسبق أن ناقش مجلس الشورى إمكانية تأسيس صندوق لدعم معاشات التقاعد، نظرا لأن الحسابات الاكتوراية أشارت إلى احتمالية عجز صندوق معاشات التقاعد (الحكومي) عن الوفاء بالتزاماته تجاه المتقاعدين. وأضاف أنه في حين أن صندوق التأمينات الاجتماعية أفضل من صندوق التقاعد، إلا أنه يواجه نفس المصير إذا لم يتم تدارك تحسين جودة المحفظة الاستثمارية للتأمينات بوسائل عديدة سواء جغرافية أو الأدوات والوسائل الاستثمارية. أما من حيث الخدمات المتوقعة فيكفي المشترك أن يضمن الحصول على معاش تقاعدي مستمر، حينما يصل إلى الفترة التي يستحق فيها هذا المعاش، على الأقل في الوقت الراهن، لذلك لا أميل إلى رفع سقف التوقعات لدى المؤمنين والمشتركين في النظام للحصول على منافع إضافية تتجاوز المعاش التقاعدي.. ويعود ذلك إلى أن الهدف الأساسي من مثل هذه الصناديق ليس تقديم مستوى رفاه اجتماعي أفضل، بقدر ما يتركز في الحصول على دخل يؤمن معيشة المشتركين حينما يحين وقت تقاعدهم أو استحقاقهم. ويرى الدكتور سعد الغامدي (نائب رئيس مجموعة عبداللطيف جميل): أن التأمينات الاجتماعية تستطيع تحسين استثماراتها، بأن تسهم في العملية التنموية، مثل الإسكان والنقل وغيرها من المجالات التي لها عوائد عالية، فضلا عن أهميتها الاجتماعية والاستراتيجية. وأعرب عن أمله في أن تدخل في استثمارات مباشرة مع المستفيدين أو المشتركين من خلال الشراكة معهم في مشاريع وبناء اقتصاد قوي يعتمد بدرجة كبيرة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتحقيق عوائد مادية جيدة وهو الدور الذي لا تقوم به البنوك.