- 1 - تفتق عن طفولته داخلاً في الرجولة. أبصر الأشجار تورق بالثمر؛ فيما تلا ذلك: سكن في عيون الليل. حتى إذا كل، وغفا، رأى فتاة جميلة تورق نحوه كشجرة؛ فتنامت فيه الأغصان حتى تسامق فرحه وشف: وكان غيمة بيضاء تظلل الفتاة. تصير هي عصفوراً يحط على أغصان يده، تمطر غيومه وهي تموج بالرعود، ويشرب العصفور حتى تنتفض فيه أغصان القلب، وتحط الغيمة فوق الأشجار، وتخضر. - 2 - في الصباح يرى زهرة الشمس تنفض الغبار، فتتلألأ الأشياء من الداخل، ينتصب كرمح بارق، ويرتعش بالحب خارجاً للبحث عن فتاته المورقة: الشارع أبيض، ومغسول بالدفء كقبضة قلب، والأشجار تتثاقل بالثمار، وهو الباحث هنا، وهنا... ولا أثر. - 3 - فيما تلا ذلك من صباحات: شوهد يركض كرمح باحثاً عن شمس تريه الأشجار، سائلاً الشوارع والريح والأطفال.. ماشياً كرمح مرت عليه السنوات.. - 4 - هي: العصفور الذي عرف دفء الغيوم مرة، فرت في الصباح، ولم تعدها غير النجوم إلى دفء العش، فنامت؛ وعندما أهلت الشمس، وسمعت صلصلة الرمح تمر بالشارع المترب، شارعهم، طار قلبها، حاولت أن تلحق به، لكنها وجدت نفسها شجرة مغروسة وسط باحة الدار... فتطاولت أغصانها لتطل من فوق الجدار وهي تئن بثقل الأرض والجدران العالية. - 5 - فيما تلا ذلك من زمن: كانت نبتة صغيرة بجوار أحد الأبواب، في الشارع المترب، تبتسم، وهي تراه يهطل بصليله كل يوم، وينداح الأنين، وتبدأ بعض الأغصان تتمايل من خلف الجدران. كانت النبتة ترى رؤوس الأغصان تتجاوز الجدران العالية، وتضحك هي: تسمع أنينه الدائم، وصليل الأشجار.