(على جسرِ اللوزية) اتركيْ لقدمينا فرصةَ ملامسةِ الأرضْ وللظلالِ تشابكَ أجسادنا كلما تعبرُ النسائمُ خصلاتِ شَعْرِكِ أُصابُ بالبرقِ والعطشْ، فيعدني المطرُ صحراءَ مبلَّلهْ..! من أقاصي البحرِ والغروبْ..! تجيئينَ نسمةً برّيةً وقطراتٍ تتنزّلُ علينا من غيمِ السمواتِ والأرضْ.. مغسولةٌ أنتِ بالمطرِ ياحبيبتي، ومبتلٌّ أنا بالجفافْ.. كقنديلٍ خائفٍ، وفراشةٍ جريئهْ.. كليلٍ مبصرٍ، وكفيفٍ عابرْ.. النوافذُ بلا ستائرَ.. والرياحُ (الغربيَّةُ) لِصٌ أنيق..! يرتّب أشياءَكِ المتناثرةِ على طاولةِ وِحْدتكْ... ثم يُدخلُ أصابعُه بفروةِِ نومِك ويغادر.. لهذا.. عليكِ أن تتركي المواعيدَ مناشفَ الضوء، فالخوفُ والارتباكُ كبرياءُ المدينةِ الجاحدةِ واشتغالُ شوارعِها باختراقِ إشاراتِ المرورِ الحمراءْ..! لكنَّنا وحدنا.. وعلى جسرِ (الفوقيَّة) سنتركُ ظلالَنا وننامُ معًا..! (ورقوا الأصفر شهر أيلول) كل خريفٍ وأنتِ حبيبتي.. الأوراقُ الصفراءُ في ذمّة الريح.. والرصيف خارطة الضياع..! كنتُ ألقاكِ ورقةً أيلوليةً على غصنِ ساعةٍ متأخّرةٍ من الليل.. في قلبكِ حزن عصفورٍ وحيد.. وعلى وسادتك ريشُ حمامةٍ لاتنامُ في الضوء..! يا لهذا الهزيع..! نافذته ذكرى مشرعة لأوراق أيلول.. بينما قبلةُ الطفلِ تعضُّ خد الكلامْ..! كل شيء يعبر كالأوراق الأيلولية في طرقاتِ التواريخ النبيلة لكنكِ تركتِ للرمل دائمًا صفرة الغروبِ وشفق الوريث..! (ليالي الشمال الحزينة) لامساء للوجع.. ياسيدة الخرافة والزمن الذي لايغيب.. للوجع فقط لون الكفن ذلك الصافي المخادع.. إنه يتدثر بالبياض ليقنعننا ببراءة الغياب.. ثم يستنشق الرمل حلما صباحيا حنونا..! لم أفكِّر يوما بدلالة الألوان كما أفعل الآن البياض للكفن.. والسواد للحداد..!! .. لو قدر لي أن أكتب عن مساء الوجع أو الكفن سأبصق على ظلال المقابر..! وسأحمل معي شجرة خضراء لتظللني هناك.. قلت للنجوم جميعا.. للغياب باب ونافذتان.. لانحتاج لمساءٍ (موجع) وإن جاء بنكهة الرمل طالما نشرع نوافذنا لشموس لاتتأخر بالشروق..! كم يحييني الشعور بالموت، ويميتني الموت بالشعور..! اثقبي ياسيدتي بإبرة حلمك ثقبا في الغيمة التي تحملك.. ستستنشقين حينها ذاتك بينما الرمل موحلا بالعطش..! وأظن هذا سيكفيك مؤونة الوجع.. كما كفانا البحث عن النجوم الغامضة وأخبار الطقس.. وعليك أن تذكري دائما أن مطر المساء أشبه بسقيفة مثقوبة، فالرياح التي تهب من جهة امرأة راحلة لن تقود السحاب للنماء كلما تساقط المطر.. يعشب الرمل شوكا وتصحُّرا، وليس لنا إلا أن نحمل أوزار غربتنا وحنيننا وأوجاعنا وقبل هذا كله حطام مرايانا ونحن نلم أوراق الخريف وننشد مع فيروز: ليالي الشمال الحزينة..!