ربما كنت في إفاقة أو ربما كانت إغماءة.. الساعة الرابعة والنصف خرجت من الفندق متجها للمطار في سيارة الوزارة، وكان هناك أحد الضيوف مع سيدة متجهة للشرقية في طريقنا سألتني أستاذ ماذا بك باين عليك التعب، هل أنقلك للمستشفى وطلبت من السائق أخذي للمستشفى، فقلت لها أنا بخير وكانت تعيد سؤالها إلى أن وصلنا المطار، لم أكن أعي ما حولي أسير باتجاه الكاونتر أحس بغرابة كل شيء حولي.. تلك السيدة تحدثت مع أحد المسؤولين في المطار ونبهتهم أني لست بخير أخذني أحد العاملين في المطار بعربة وأخذ يلف بي عدة صالات زادت من إعيائي إلى أن أوصلني للطوارئ كان هناك أحد الأطباء من جنسية عربية، وقال ليس بك شيء وأنا ما أزال أجلس في العربة اقترحت عليه الممرضة إيش رأيك نعطيه إسبرين، نظر إلي وأعطاني إسبرين، وقال خلاص خلوه يروح وصعدت للطائرة وجلست في مقعدي وغطيت وجهي أحاول أن أتخلص من الألم بالنوم وحلقت الطائرة... جاءت المضيفة وأحضرت الطعام فخطر لي أن ما أشعر به قد يكون انخفاضا في السكر وتناولت الطعام وكانت وجبة سيئة التهمتها على مضض وعدت أحاول النوم.. وصلنا مطار جدة خرجت من الطائرة وأنا في حالة غريبة من الضيق الشديد وفي باص النقل من الطائرة كاد أن يغمى علي أشعر بدوار مع كل حركة للباص اتجهت للمواقف مكان إيقاف سيارتي وأنا في حالة من الإعياء مشتت التفكير حتى أني كنت أرمي كل شيء محفظتي مفاتيح منزلي ساعتي.. وأنا أقود السيارة كنت مستغربا أن كل السيارات تمشي ببطء شديد وأتذكر أني كنت أقول بصوت مرتفع ما هذا أيش يحصل.. ليه، وأردد ذلك طوال الطريق.. تحول الحي الذي أسكنه إلى متاهات.. فأي طريق أسلكه يرشدني لمبتغاي.. كنت مشوشا وضائعا.. هي جدة التي طالما أوصلتني كل نقطة فيها لمبتغاي.. وها هي كل النقاط تاهت مني، تذكرت محمد صادق ذياب حينما أطل جثمانه في سماء جدة فلم يقو على تحديد اتجاهه فتناقلته أيدي محبيه حاملة جسده باتجاه مقبرة أمنا حواء.. فهل أنا متوجه الآن لإحدى مقابرها.