بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، فإن أي عربي لا يؤيد هذه العملية أو يصمت عن تسجيل موقف وطني وعروبي منها فهو كافر بوطنه وعروبته، إذ ليس بعد الحرب من شيء يثبت إيمانك أو ينفيه أيا كان انتماؤك، وأيا كانت طائفتك أوعاطفتك. إيران استقوت واستأسدت على أساس من قوميتها الفارسية فابتلعت العراق وعاثت مع العاثين في سوريا وجيرت لبنان لصالح أجندتها عبر حزب الخيانة الأكبر. وتجرأت على حدود المملكة والخليج في اليمن عبر عناصر الحوثي السائر علنا، في المواقف والسلاح، في ركابها وتربصاتها. وعبر قوات الطامع البغيض علي عبدالله صالح، الذي لم يقنع من فساده السابق وتأخيره لبلاده وهو على سدة الحكم فأراد أن يجهز على البقية الباقية من الآمال اليمنية بعد الثورة عليه. تقع اليمن الآن بين مطرقتين، مطرقة الأطماع الفارسية، التي لا يمكن أن تسمى بغير ذلك ومطرقة غباء النظام القديم، الذي يريد أن يعود إلى هيمنته وخزائنه الشخصية حتى لو كان الثمن فناء اليمنيين عن آخرهم، بل وزعزعة أمن الخليجيين والعرب أجمعين. السعودية وباقي الدول التي أيدت عاصفتها في وجه الحوثي الإيراني تدرك الخطر الذي يتهدد استقرارها ويدفعها إلى السقوط في مغبة الاحتراب الأهلي الذي كان نتيجة صارخة مؤكدة في كل أرض وطأتها القدم الفارسية النجسة. وقبل أن تسألوا اليمنيين عن ذلك في السنوات الثلاث الأخيرة، اسألوا العراقيين الذين ينزفون دماء ووجعا وتخلفا منذ العام 2003 بفعل (السوسة) الإيرانية التي تنخر في أعصاب وطنهم وعظام وجودهم. لقد كتبت قبل ثلاثة أيام فقط بأن اليمنيين الآن، بقيادة عبدربه منصور هادي، يلجأون إلى المؤسسات الدولية ومجلس الأمن الدولي ليجربوا الورقة الأخيرة في إنقاذ اليمن من حرب أهلية ومن السيطرة الإيرانية. ولا أعتقد أنهم سينجحون في هذا المسعى، بدليل أن غيرهم لم ينجح من قبل في ذات المسعى، بل إنني أزعم أن هذه الورقة تعلن أو تشرعن فوضى الحرب في اليمن وتركه لمصيره وللقدر الإيراني، كما حدث من قبل في العراقوسوريا، وكما حدث في ليبيا التي يدير أهلها حوار طرشان هذه الأيام. وقلت إن على العرب، في اليمن وفي غيره من البلدان العربية، أن يدركوا أن اجتماعهم الآن لتكوين قوة عسكرية فاعلة وضاربة هو رهانهم الوحيد للبقاء أسيادا مستقلين في دولهم. وإذا لم يفعلوا ذلك ويوفروا شروطه السياسية والاقتصادية بالدرجة الأولى، فلن يرغموا لا إيران ولا غيرها، على إعادة النظر في حساباتها وأطماعها. وقد فعلوا يوم أمس الأول، حين تكون تحالف عربي – إسلامي ليدك معاقل الحوثيين الإيرانيين في موقف جلي بأن لحم السعودية والخليج (العربي) مر، وأن العرب أحياء يرزقون ويقدرون على التصدي لمن حمل عداوته وبغضاءه إلى أبوابهم.