باتت أخبار الجرائم الصادمة التي يقترفها مختلون عقليا ونفسيا ضد أهلهم وغيرهم وأيضا انتحارهم من الأخبار المعتادة وكذلك رؤية مختلين عقليا هائمين على وجوههم في الشوارع، دون أن تلوح بالأفق أي مبادرة لمعالجة هذا الوضع، فعندما يلوم الرأي العام مستشفيات الامراض العقلية ومستشفيات علاج الإدمان على إطلاق هؤلاء المضطربين الذين يشكلون خطرا على أنفسهم وعلى الآخرين يكون الرد أن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات لا تحتمل إبقاءهم لفترات أطول وليس هناك ما يمكن فعله أكثر لأجلهم فحالات اختلالهم مزمنة ودائمة، بالإضافة لأن هناك ثقافة خاطئة عنوانها «زوجوه يعقل» حيث يتوهم الأهل أن الاختلال العقلي لولدهم سيزول تلقائيا عندما يتزوج، ولهذا يخفون عن الزوجة حقيقة أن ابنهم يعاني من مرض عقلي أو من الإدمان ومضاعفاته والنتيجة جرائم التعذيب والقتل المروعة التي نقرأ عنها باستمرار ضد أفراد العائلة ويتبين أن الشخص يعاني من مرض عقلي ونفسي وأهله أخفوا ذلك عن الزوجة وأهلها، والثقافة الاجتماعية تضغط على المرأة لتصبر على كل الانماط العنيفة والمرضية للزوج حتى تكون النتيجة قتله للزوجة والاطفال بأبشع الطرق أو انتحاره، فما الحل؟.. في الواقع يمكن الاستفادة من تجربة الدول الغربية التي تنشىء مراكز إيواء أو مجمعات سكنية مخصصة لإسكان من يعانون من الاضطرابات العقلية والنفسية المزمنة التي تجعلهم غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم وتجعلهم يشكلون خطرا على عوائلهم، كما أن جهل الأهل بكيفية التعامل مع المريض عقليا تجعلهم يسيئون معاملته كربطه بالسلاسل وتعنيفه، فالسكن الجماعي يوظف مشرفين مؤهلين طبيا للتعامل مع هذه الحالات ويضمنون على الاقل انتظام تناول المريض للعقاقير الموصوفة له والتي تبقي أعراض مرضه تحت السيطرة، وأيضا رصد حدوث بوادر انتكاسة في الحالة بما يستدعي إدخالها للمستشفى..