«السبيل» الحي الشعبي العريق في جنوبجدة يذكر سكانه : أن الأمانة تسببت في عشوائيته حيث منعت السكان من البناء لمدة ثلاثة عقود. ويضيفون : لا الأمانة طورت ولا تركتنا نطور حينا. آراء وتعليقات السكان كثيرة وكلها تجمع على توجيه النقد إلى الأمانة فالأراضي البيضاء بدت تتوسع في الحي بسبب تداعي المباني القديمة واهترائها وقابليتها للانهيار مع قرار عدم السماح بإقامة المباني الجديدة. وفي مقابل هذه الآراء التي يؤكدها القائلون بالشواهد. في ذات الحي توجد مبانٍ متعددة الأدوار كشاهد ينفي إيقاف رخص البناء من الأمانة التي لم تنفِ أو تؤكد المنع والحظر حتى الآن. السكان يحملون بشدة على أمانة جدة ويعتبرون قرارها بإيقاف البناء تكريسا للعشوائية ومن أمثلة التخبط كما يقولون إقامة مسلخ داخل تجمع تجاري صرف كما يزدحم الطريق بمحال لبيع العفش المستعمل وورش لصيانة الأجهزة الكهربائية وتقام مزادات لبيع كل شيء.. بدءا من أدوات الطبخ وانتهاء بالملابس. التعقيم في المساء «مسلخ الأمانة» كما يقول أحدهم كان ولازال سببا في زيادة الفوضى وفي تلويث البيئة المحيطة. ويكفي أن يستدل على المسلخ بالروائح الكريهة المنبعثة خاصة في عيد الحج حيث تذبح عشرات الأضاحي.. ومع كل ذلك كان سكان الحي يمنون النفس بنقل المسلخ إلى خارج الحي بعيدا عن التجمعات التجارية والسكنية إلا أن ذلك تلاشى مع تصريح سامي الغامدي مدير المركز الإعلامي في الأمانة لإحدى الصحف المحلية: «استحداث موقع جديد للمسلخ «النموذجي» الواقع في حي السبيل غير وارد حاليا، إذ إن الحي يعد من الأحياء التي سيتم تطويرها في المرحلة المقبلة وعمليات التطهير والتعقيم في المسلخ تتم غالبا في الفترة المسائية، حرصا على عدم تلوث اللحوم بالمواد المطهرة وسيتم التوجيه للجهة المعنية في الأمانة لمتابعة هذه المواقع بشكل مكثف». بشار بن برد التوسعة التي شهدها حي السبيل منذ سنوات ونفذتها أمانة جدة على مراحل متقطعة شملت الشارع الممتد من حارة الكيكي غربا إلى تقاطع كبري الستين شرقا حيث استبشر الأهالي بها وكل أملهم أن تمتد التوسعة لتشمل الجهة المقابلة في شارع بشار بن برد الذي يعد منفذا رئيسيا للأهالي في اتجاه الشرق وطريقا رئيسيا إلى معظم المرافق الحكومية مثل مدارس البنين والبنات بمراحلها المختلفة، شرطة المنطقة، البنك الإسلامي، الإذاعة والتلفزيون وزارة الزراعة وغيرها من المرافق المهمة. فشارع بشار بن برد كان ينتظر ولسنوات طويلة أن يكون في اتجاه إجباري واحد حتى لا تتكدس الحركة في أوقات الذروة وبدلا من ذلك لازال الشارع يعيش ظلاما حالكا وتتناثر بين ثناياه الحفر والمياه الآسنة. حارة مقديشو يقول الأهالي: الآمال كانت معقودة قبل بدء توسعة شوارع السبيل أن تبدأ من مدخل الحي للقادم من باب مكة وأن تشمل ماسمي اليوم ب «حارة مقديشو» التي تكتظ بالمقيمين الصوماليين وتتداخل فيها الأزقة في منظر مخيف للزائرين ليلا. ويأملون كذلك أن تنتقل التوسعة لحارة «النخيل أو الحفرة» التي لا تختلف كثيرا عن حارة مقديشو ولايفصلها عن الشارع العام غير منازل متهالكة إلا أن ذلك لم يحدث ولم تتم إزالة البيوت المنزوعة الملكية لصالح التوسعة بالكامل بل تركت كأنقاض تهدد السلامة العامة وأمن المجتمع. إن معاناة أهالي السبيل المختلطة بالأمنيات تلاشت تماما حين أدرج حيهم ضمن مشروع تطوير قصر خزام الذي يضم أيضا أحياء النزلة اليمانية والشرقية وجزءا من حيي البلد والقريات. فقد كان مشروع التطوير مفاجئا للمستثمرين في الحي ومباغتا للقاطنين فيه فالمشروع ينبني على الإزالة الكاملة وجيء بالمشروع في وقت بلغت فيه أزمة الإسكان ذروتها ووصلت الأسعار العقارية أرقاما قياسية إلا أنها لم تنسحب على سعر العقارات المنزوعة في السبيل لذا ذهب كثير من الاعتراضات إلى المجلس البلدي وللأمانة وإلى عدة جهات مسؤولة حتى اعتذرت الشركة المنفذة التابعة للأمانة عن تنفيذ المشروع تحت ذريعة الجدوى الاقتصادية وحينها تنفس الأهالي الصعداء. أسئلة الصاعدي يقول محمد الصاعدي: منذ سنوات طويلة ونحن نناشد القائمين في أمانة جدة تطوير حي السبيل وتوسيع الشوارع الرئيسية وبإفساح البناء المنظم للاشتراطات وإيقاف البناء العشوائي الذي امتد لملكيات الآخرين وتسبب في إشكالية إيصال الخدمات وتدني جودتها وهو أمر يمكن رصده على الواقع. ويؤكد الصاعدي على أن الكثير من أهالي حي السبيل لم يكونوا ليرحلوا عنه لولا إهمال الأمانة في تقديم الخدمات.. ويتساءل : كيف يفسر إقامة مسلخ للمواشي داخل حي سكني وحظر البناء في جزء من الحي والسماح في جزء آخر .. كيف للعشرات إن لم يكن للمئات من المنازل الشعبية أن تعلو بشكل رأسي دون تصريح للبناء وأن تقدم لها خدمات الماء والكهرباء في نهاية الأمر؟. يضيف الصاعدي: أمانة جدة شرعت الآن في إخلاء منطقة أسفل كبري الستين لتسليمه إحدى الشركات الاستثمارية كي تقيم في هذه المنطقة مواقف للسيارات مدفوعة الأجر .. فالأمانة إذن لا تتبرع في تقديم الخدمة وإنما في تحصيل المال والاستثمار وإلا لما كانت تريد إخلاء حي السبيل بكامله. التوسيع أو الإزالة لم يتبق من مشروع قصر خزام الذي تضاربت الأنباء حول استمراره غير لافتات المشروع على سياج حديقة خزام .. المتنفس الوحيد لأهالي السبيل والتي أزيلت هي الأخرى بالكامل لصالح المشروع. ومن هنا كان تساؤل الأهالي عن مستقبلهم وعن مستقبل حيهم الذي تتكثف فيه العمالة الوافدة من كل اتجاه: لماذا تدفع الأمانة الأهالي لترك منازلهم بسبب تقاعسها في الحد من العشوائيات، لماذا لا تفسح المجال للبناء والتطوير دون حصر ذلك على شركات محددة؟ يقول داوود الوصابي: الأمل في الله في أن تستكمل الأمانة مشروعات توسعة الشوارع شريطة إفساح المجال لملاك العقارات أو حتى للشركات المطورة للبناء في الحي وبهذه الطريقة يمكن للأمانة أن تتفاعل من مطالب الأهالي وأن تسهم في حلحلة مشكلة الإسكان التي يعاني منها الكثير منهم، أما إذا اقتصر تطوير الحي على توسعة الشوارع أو الإزالة بالكامل.. فهذا لن يسهم في حل الأوضاع القائمة في السبيل..