من بين التوجيهات والتعليمات التي اصدرتها وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد لخطباء وائمة المساجد ضرورة عدم إنابة غير السعوديين بالأذان او اقامة الصلاة والخطابة. وقضت التعليمات بضرورة أخذ الإذن المسبق من فرع الوزارة عند إنابة غير السعوديين في الحالات الضرورية. ومع ذلك اصبحت «الانابة» ظاهرة لكثير ان لم يكن جل المساجد اذ بات يديرها من ليس له أي ارتباط رسمي بالوزارة. يؤكد الدكتور صالح ابراهيم الديسماني مدير فرع وزارة الشؤون الاسلامية في منطقة مكةالمكرمة تناول هذه الظاهرة وقال ان الشكاوى في هذا الشأن كثرت في الاونة الاخيرة برغم أن نظام الوزارة يمنع منعا مطلقا انابة غير السعوديين لإمامة المساجد. «وإذا ثبت قيام الامام الراتب بإنابة غير السعودي يتم طي قيده تطبيقا للعقوبات التي اقرتها وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف». يضيف الديسماني أن من شروط انابة الامام الراتب لغيره من الائمة المعتبرين الرجوع الى الوزارة والتنسيق معها ونيل الموافقة منها خصوصا ان هناك اشتراطات تنظم هذه المسألة. السبب في حدوث الكثير من التجاوزات لاشتراطات الوزارة في ما يتعلق بانابة الامام الراتب لغيره من الائمة يعود -كما يقول الديسماني- الى ضعف الرقابة والى محدودية المراقبين التابعين للوزارة فهناك 40 مراقبا على مستوى مكةالمكرمة وضواحيها مهمتم الرقابة على المساجد ومتابعة احتياجاتها. ويتساءل: كيف يمكن لهذا العدد القليل ان يفي بالرقابة على كافة مساجد المنطقة؟ امتداد الرقابة للأسواق يستطرد مدير فرع وزارة الشؤون الاسلامية في منطقة مكةالمكرمة انه في حالة ضبط امام مناب لا تنطبق عليه شروط وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف كانابة امام غير سعودي يتم اولا التحقق بواسطة لجنة مختصة فاذا ثبتت المخالفة فانه يتم طي قيد الامام الراتب الذي استعان بغيره من غير السعوديين دون موافقة الوزارة، مؤكدا ان الفرق الميدانية تمتد رقابتها حتى على مساجد الاسواق والمساجد التي يتبرع المحسنون بانشائها. كما أن وزارة الشؤون الاسلامية تشترط اجتياز المقابلة الشخصية للمرشحين للامامة في كافة المساجد والتنسيق مع الامام الراتب الذي تجبره ظروفه على انابة غيره في اقامة الجمعة والجماعة. حقوق المصلين والمساجد فهيد محمد البرقي مدير فرع وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف في منطقة الباحة يؤكد أن كل من يترشح للإمامة عليه تجاوز اختبار الوزارة في هذا المجال داعيا كل امام مسجد للقيام بما اؤتمن عليه من رعاية لبيوت الله وامامة المصلين، صحيح قد تعتري الامام بعض الظروف مثل باقي الناس وقد تفوته إمامة المصلين بسبب ظروف طارئة كالسفر او المرض لكن من يثبت عليه الاهمال والتقاعس عن اداء مهامه التي اؤتمن عليها فان النظام كفيل بمعاقبته حفاظا على حقوق المصلين وحماية للمساجد. أعباء كثيفة البرقي يضيف: يجب ألا ننسى أن ائمة المساجد يضطلعون بادوار كثيرة تجاه الدعوة والمجتمع خاصة في مواسم العبادات كما هو الحال في شهر رمضان المبارك. فامام مسجد الحي يضطلع بدور الاصلاح بين الزوجين وبين الاقارب والجيران وفي شهر الصوم يستنفر جهوده للاشراف على موائد الافطار والدعوة في اوساط الجاليات المقيمة وغير ذلك مما يقوم به طيلة ايام السنة من اقامة للدروس والعظات وحلق تحفيظ القران فضلا عن حث الخيرين على التبرع للمحتاجين ولمراكز الاحياء وكل ذلك الى جانب مهامه في امامة المصلين واقامة خطبة الجمعة..» صحيح أن هناك اهمالا قد يحدث من البعض لكن ذلك يقابله تطبيق العقوبات المنصوص عليها من الوزارة وقد يصل الامر الى طي قيد الامام اذا ما ثبتت انابته لغير السعودي دون تنسيق مع الوزارة». مدير فرع وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف في منطقة الباحة يذكر انه جرى طي قيد المخالفين لأنظمة الوزارة بمن في ذلك المخالفون لاشتراطات الانابة عند رفع الاذان وامامة المصلين الا انه لا يتم الاعلان عن ذلك مراعاة لمشاعر من تم بحقه تطبيق النظام وجرى طي قيده. أئمة صغار في السن كثيرة هي المساجد التي اعتاد المصلون فيها على غياب الامام او المؤذن او الاثنين معا الامر الذي يجعل من امامة الصلاة حقا لكل من اراد وهو امر مقلق للجميع. يقول داود وصابي: اسكن في جنوبجدة حيث اكثر المساجد تدار بشكل عشوائي وتفتقد الى الرعاية الحقة التي ترتقي الى مستوى الرعاية اللائقة لبيوت الله ففي الحي الذي اعمل واعيش فيه 3 مساجد لم ار في احدها اماما او مؤذنا راتبا، وانما متطوعون لاقامة الجمعة والجماعة رغم ان هذه المساجد معتمدة من وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف بحسب ما هو مدون عند كل مسجد.. قد يؤمنا في بعض الايام شباب صغار السن يحفظون اجزاء من القرآن الكريم لكنهم يفتقدون تجويد التلاوة والصوت القوي الذي يحتاجه كل امام، وقد يؤمنا شيخ كبير يحفظ ما تيسر من السور وبين هذا وذاك تتأخر اقامة الصلاة حتى الاذان والاقامة في احيان.. اعتقد أن هناك ائمة في وزارة الشؤون الاسلامية الا أن غياب الامام الراتب السبب في كل تلك الاشكالات اليومية. التبرع بالجمعة محمد السيد يرى ان هناك العديد من المساجد التي تفتقد لوجود الامام المعين من وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف فهناك مساجد يرفع فيها الاذان وتقام فيها الصلاة دون وجود أي مؤذن او امام راتب وانما يتم ذلك بتبرع من المصلين وربما يمتد التبرع الى القاء خطبة الجمعة، وهو ما يدفعنا للتساؤل: أين وزارة الشؤون الاسلامية من هذا الوضع الذي يشبه الفوضى، مضيفا: هذا الواقع يتضح اكثر في مساجد جنوبجدة رغم أن احياء الشمال ليست استثناء مقارنة بما هو ظاهر في الجنوب. البديل في كل الأوقات مخالفة للأمانة يعلق على ذلك الدكتور حسن الازيبي عضو هيئة التدريس في المعهد العلمي في جدة التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليقول ان مسألة انابة الامام الراتب تحددها الضوابط التي وضعتها وزارة الشؤون الاسلامية باعتبارها الجهة المعنية بالمساجد. والاصل في هذه المسألة ما ورد في السنة المطهرة من عدة احاديث تشير لقيام النبي عليه الصلاة والسلام بانابة عدد من الصحابة في اقامة الجماعة. وقال: للاسف اصبح غياب الائمة المعينين من الوزارة يشكل ظاهره لافتة في كثير من المساجد باعتبارهم ينيبون بعض من يثقون فيهم لاقامة صلاة الجمعة والجماعة وهذا الامر يجب الرجوع فيه الى جهة الاختصاص وهي وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف، والا كان ذلك مخالفا لما اؤتمن عليه الامام. ويتذكر الدكتور حسن الأزيبي قصة للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، حين أعاد المكافأة المالية المخصصة لأئمة المساجد في ذلك الوقت باعتبار أنه لم يقم بإمامة المصلين لفترة زمنية ظل فيها مسافرا، وهو الأمر الذي يجب أن يقف عنده جميع الائمة المعينين من قبل وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف. يقول الله تعالى: {إن خير من استأجرت القوي الامين} إذن فالأمانة يجب أن يراعيها وأن يؤديها على أكمل وجه. وأضاف الأزيبي: «يمكن للإمام الراتب أن ينيب عنه من يثق فيه إذا ما تعسر حضوره للمسجد بسبب ظرف طارئ أو سفر أو مرض ومن غير هذه الأسباب لا ينبغي للإمام الراتب أن يتخلف عن القيام بمهامه التي أوكلت إليه، طالما كان يتقاضى راتبا من الدولة.