حذر عدد من الاختصاصيين من تفشي مشاهد العنف التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن لها تأثيرا سلبيا على أفراد المجتمع خصوصا الأطفال والمراهقين الذين يسعون لتقليدها، دون إدراكهم لخطورتها على الآخرين. ونبه الباحث الاجتماعي علي أبو طالب إلى خطورة البرامج ومقاطع الفيديو التي تحوي العنف والتدمير على المشاهدين خصوصا الأطفال، لافتا إلى أن كثيرا من المخرجين لا يقبلون عملا إلا إذا حوى هذه المشاهد المثيرة؛ لرفع نسبة المشاهدين والمتابعين؛ طمعا في الربح المادي، ولا شك أن لهذه الممارسات والمشاهد أثرها السلبي على مستقبل الحياة داخل المجتمع وإشاعة العنف به. وقال: «هذا ما أصبحنا نشاهده ونسمع عنه في الآونة الأخيرة من جرائم بشعة لم يكن يعرفها المجتمع في الماضي وتنفذ بطريقة انتقامية تنم عن نفس عدوانية مريضة، كقتل وإيذاء الأطفال وقتلهم والاغتصاب والتحرش وحرق الحيوانات والعنف ضد الزوجات والأسرة عموما». وبين مساعد الأمين العام للبرامج والمشاريع بجمعية مراكز الأحياء بجدة والتربوي سالم بن عبدالله الطويرقي أن مظاهر الممارسات العدوانية في الأفلام والمسلسلات ومقاطع الفيديو بشتى أنواعها ذات أثر سلبي تؤدي على المدى الطويل إلى تبلد الإحساس بالخطر وإلى قبول العنف كوسيلة استجابة لمواجهة بعض مواقف الصراعات أو ممارسة السلوك العنيف ذاته، ضد الأضعف أو للأخذ بالثأئر من المعتدي، إضافة إلى بث الشعور بالخوف والقلق وعدم الأمن وتوقع الأسوأ في نفوس المشاهدين الكبار والصغار. ورأى الطويرقي أن الإعلام بمختلف وسائله شريك حيوي ومهم في الحد من ظاهرة العنف، وغرس وتعزيز القيم الإيجابية في شخصيات أفراد المجتمع، وتحليل وتحديد البرامج التي تبث ووضع الضوابط المناسبة من قبل المسؤولين، الابتعاد عن تصوير أو نشر أو الترويج لمشاهد العنف، وسن قانون رادع لمعاقبة ومحاسبة مصوري تلك المشاهد أو مروجيها. وقال المستشار القانوني خالد أبو راشد إنه على الرغم من المشاهد العنيفة والسلوكيات العدوانية التي تمارس وبشكل يومي وعلى مرأى ومسمع من الجميع إلا أن الإعلام بوسائله المختلفة يبدو أنه أكثر تأثيرا في بث مشاهد العدوان والعنف من خلال ما يقدمه عبر وسائله المختلفة، وأيضا التقنية الحديثة تعتبر شريكا في بث هذا العنف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وأبدى أسفه أن كثيرا من المواد الإعلامية المستوردة والتي لا تتواءم مع قيم المجتمع وأخلاقيات أبنائه تجد لها قبولا ورواجا لدى الناشئة، وقد تكون موجهة لغرس قيم وسلوكيات معينة في شباب المجتمع، بينما يصبح البطل في معظم المواد التلفزيونية الذي يعلق بأذهان الأطفال والشباب هو البطل الذي يضرب ويطلق الرصاص ويستخدم أساليب العنف ببراعة، والبعض من مرتكبي الجرائم يتأثرون بهذه المشاهد ومنهم من يحاول تطبيق نفس الحيل أو ابتكار حيل أدهى لتنفيذ وإخفاء جرائمه.