انتقد تربويون ما اعتبروه غياب الترابط الاجتماعي وإهمال صلة الرحم الذي يرون أنه ازداد مؤخرا، مذكرين بفضل التواصل مع الأهل والأقارب، وتلمس حاجاتهم لما فيه من خير على المجتمع كافة. وأوضح الشيخ ناصر معافا أن صلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال الخير لهم ودفع الشر عنهم، لافتا إلى أن الدين بين أن صلة الرحم واجبة وقطيعتها معصية وتعتبر من كبائر الذنوب. وبين أن المجتمع يفتقد حاليا التواصل فيما بينه، معتبرا التواصل والتراحم حصنا منيعا وقلعة صامدة وينشأ عن ذلك أسر متماسكة وبناء اجتماعي متين يمدنا بالموجهين والمفكرين والمعلمين والدعاة والمصلحين الذين يحملون أبناء أمتهم مصابيح النور. واستغرب معافا إهمال كثير من أبناء المجتمع صلة الرحم، على الرغم مما فيها من فوائد على الفرد والمجتمع، موضحا أن صلة الرحم من الأسباب التي يبارك الله بها عمر الإنسان، وتسهم بفضل الله تعالى في زيادة الرزق، ناصحا بصلة الأرحام وإن قاطعونا، وعلينا بالإعطاء لهم وإن منعونا، وعلينا بالصبر عليهم وإن جهلوا علينا. وقال الشيخ أحمد محمد معافا: «خلق الله الرحم ووعد ربنا جل وعلا بوصل من وصلها، ومن وصله الرحيم جاءه كل خير ولم يقطعه أحد، وعلى الرغم من ذلك نجد أن الكثير مضيع لهذا الحق ومفرط فيه لا يشارك أقاربه في أفراحهم ولا أتراحهم ولا يتصدق على فقرائهم، وتمضي الشهور والأعوام ولا يزورهم، بل ربما أساء لهم وأغلظ عليهم ولا يبالي بالوعيد الشديد». وذكر التربوي حسن رشيد الحازمي أن عقوبة قاطع الرحم معجلة في الدنيا قبل الآخرة، فعن أبي بكرة قال: قال عليه الصلاة والسلام: «ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغي»، مشيرا إلى أن قطيعة الرحم سبب للذلة والضعف مجلبة للهم والغم. وأفاد الشيخ حسن رفاعي الحازمي معلم التربية الإسلامية أن من هديه صلى الله عليه وسلم الأمر بصلة الأرحام، فكان من أول ما أمر به بعد إخلاص العبادة للواحد سبحانه وعدم الإشراك به وعدم قطع الأرحام وهي من أهم الحقوق بين الخلق، مبينا أن صلة الرحم تشمل زيارتهم والسلام عليهم والعطف والمودة لهم وبالإحسان إليهم بدفع مال لهم أو تقديم الخدمة أو قضاء الحوائج أو دفع ضر نزل بهم والوقوف معهم في الشدائد أو الأفراح إلى غير ذلك مما يدخل في صلة الأرحام. وقال: «وقد رأينا مصداق هذا، فقاطع الرحم غالبا ما يكون تعبا قلقا على الحياة لا يبارك له في رزقه منبوذا بين الناس لا يستقر له وضع ولا يهدأ له بال». واعتبر المشرف التربوي ناصر أحمد بشير معافا أن صلة الرحم كنز اجتماعي لا مثيل له، فهي تهب الترابط والألفة وتبث الحب وتنشر الود بين أفراد الأسرة والمجتمعات، وإن من هم ما يميز مجتمعاتنا العربية والإسلامية ما نشاهده من علاقات حميمة بين ذوي الأرحام، هذه العلاقات تختصر الطريق وتوفر الجهود لتنشئ أسرة متماسكة ومترابطة مبنية على أسس تربوية ناجحة لتتجاوز العقبات والأخطاء التي قد تخلفه المدنية بكل وسائلها بيسر وسهولة؛ لذلك لا غرابة أن نجد الأسر والمجتمعات التي تقوى صلاتها تتلاشى منها مظاهر العقوق والفرقة والشتات والتشرذم وتزول منها كثير من السلوكيات الاجتماعية السيئة ليعم الخير والنجاح لكل أفرادها.