إن الدين الإسلامي دين المحبة و الخير , قد حث على كل ما يقوي وشائج الروابط و التواصل بين المسلمين , و التي تنشر الألفة و المحبة , و تجمع قلوب المسلمين على الإخاء و الود و الصفا سواء كانت من الأعمال الفاضلة , أو الأقوال المحمودة , و نهى عن السجايا السيئة . و من هذه الأعمال الفاضلة : صلة الأرحام و البر بهم و الإحسان إليهم . و لأهمية صلة الأرحام بين المسلمين , وفضلها العظيم في الدنيا و الآخرة جاء الوحيان الكتاب و السنة مملو أين بالنصوص و الشواهد التي تأمر بصلة الرحم , و تنهى عن قطيعة الأرحام قال الله تعالى : ( وآت ذا القربى حقه و المسكين و ابن السبيل و لا تبذر تبذيرا )60/ الإسراء , و قال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون ) 90/النحل , و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله , ومن قطعني قطعه الله ) رواه البخاري ومسلم , و قال صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ) رواه البخاري . و لصلة الرحم فضائل عظيمة منها : أن صلة الرحم تدل على الإيمان بالله واليوم الآخر , و ذلك بامتثال أوامره , و هي سبب لدخول الجنة , و سبب لزيادة العمر وبسط الرزق قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) رواه البخاري , و لها دور عظيم في تماسك الأسر , و تآلف ذوي الأرحام إذ يسال بعضهم عن بعض , و يطلع بعضهم على أحوال البعض الآخر , فينتشر الود و التعاون و الترابط , , و قاطع الرحم يدخر له من الوعيد و العذاب يوم القيامة مع تعجيل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة إن لم يتب , أو يتغمده الله برحمته , قال صلى الله عليه وسلم: ( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) رواه الترمذي . وأخيراً يجب على المسلم أن يصل من قطعه , و يعطي من حرمه , و يعرض عمن ظلمه , و من أسباب قطيعة الرحم ضعف الوازع الديني , و الجهل بالأجر العظيم , أو جهل العقوبة و الوعيد الشديد للقطيعة , فيجب على الآباء أن يهتموا بصلة الرحم كثيرا , و يحرصوا على تبصير الأبناء والأحفاد بأهمية حقوق الأرحام و ذوي القربى ، و الحث على صلتهم, و إن كانوا قاطعي رحم , كي يعرفوا أرحامهم , و يتعرفوا على أحوالهم , فتصفو النفوس , و ينتشر التراحم و التواد و التعاطف بين المسلمين , و عدم معاملتهم بالمثل في القطيعة لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) رواه البخاري , فالواصل هو الذي يصل من قطعه ، بينما المكافئ هو الذي يصل من وصله , ويقطع من قطعه، و يعامل الناس بمثل ما يعاملونه به.