في قلب تلك المدينة المتوثبة الرس، يبدو ذلك المبنى الحديث إضافة معمارية تجمع بين جمال التصميم والرحابة من جهة، وبين الأهمية والجدوى وروح الإنسانية والرحمة من جهة أخرى. ذلك هو مركز رعاية الأطفال المعوقين بمحافظة الرس، المركز الذي ما كاد يكتمل بناؤه وتجهيزه حتى توافد عليه عشرات الأطفال يعلنون تدشين خدماته بأنفسهم، تاركين مراسم الافتتاح الرسمي لقرار المسؤولين. أكثر من 30 طفلا يترددون على المركز يوميا منذ بداية العام الدراسي الجاري بعد أن تمت إجراءات تقييم حالاتهم، وتسجيلهم ضمن المستفيدين من برامج المركز التعليمية والعلاجية والتأهيلية والاجتماعية والنفسية. لم تتوان جمعية الأطفال المعوقين عن توفير كافة مقومات التميز لهذا المركز، ففيما كانت مراحل الانشاء والتجهيز تتواصل خلال العامين الأخيرين، كان هناك جهد مواكب لتوفير وتدريب الكفاءات البشرية المتخصصة لتشغيل المركز سواء معلمات متخصصات أو أخصائيات أو أطباء أو فنيين أو ممرضات أو مساعدات، لتكتمل منظومة المرحلة الأولى من التشغيل استعدادا للافتتاح الرسمي خلال الأسابيع القادمة حسب بعض التقديرات. عن هذا المركز يقول صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين: يعد مركز رعاية الأطفال المعوقين بمحافظة الرس الحلقة العاشرة في عقد إنجازات جمعية الأطفال المعوقين، ويمثل تلبية لاحتياجات منطقة غالية علينا جميعا هي منطقة القصيم، حيث يأتي استجابة لنتائج الدراسة التي أكدت حاجة المنطقة لمركز رعاية متخصص يوفر برامج رعاية وتأهيل وتوعية للأطفال المعوقين، ويقدم عملا مبادراتيا في ما يتعلق بالتصدي لأسباب الإعاقة وسلبياتها. ويضيف سموه في كلمته في مستهل كتاب يصدر بمناسبة الافتتاح، لقد حظيت فكرة المركز بمبادرة دعم كريمة من الشيخ خالد بن عمر البلطان، حيث أعلن استعداده لتحمل تكاليف الإنشاء والتجهيز. وأوضح سموه أنه وفقا لاستراتيجية الجمعية في السعي لتوفير مصدر تمويل دائم لدعم نفقات تشغيل المركز، تم تخصيص عدد من أسهم مشروع خير مكة الاستثماري الخيري ليكون بمثابة مصدر دخل ثابت يسهم في دعم نفقات تشغيل مركز الرس وميزانيته السنوية التي تصل إلى نحو مليونين ونصف مليون ريال في السنوات الخمس الأولى من التشغيل. ووصف سموه المركز بأنه نقلة نوعية في برامج الرعاية المتخصصة في المنطقة، وسند لجهود الدولة في ظل مسيرة التنمية المتكاملة التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الأمين وسمو ولي ولي العهد، وليحتضن عشرات الأطفال يوميا يقدم لهم برامج خدمات علاجية وتعليمية وتأهيلية مجانية، واستشارات لأولياء الأمور، ويسهم بفاعلية في مواجهة أسباب الإعاقة وطرق التعامل معها. وتوجه سموه بتحية شكر وتقدير إلى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، وإلى سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، والى الإمارة والجهات التي ساندت مشروع المركز، مثمنا بتقدير بالغ الدعم المميز الذي يقدمه الشيخ خالد بن عمر البلطان للمركز وللمشروع الاستثماري المساند له. فرصة الدعم من جهته يقول خالد بن عمر البلطان، صاحب مبادرة دعم المركز، لقد شرفت بإتاحة الفرصة لي للمشاركة في مساندة رسالة جمعية الأطفال المعوقين، وتلبية حاجة ضرورية لأهلي في منطقة القصيم، من خلال دعم إنشاء مركز رعاية الأطفال المعوقين بمحافظة الرس الذي نحتفل بمشيئة الله بافتتاحه رسميا قريبا، ليكون إضافة جديدة لمظلة الخدمات في المنطقة. وتوجه البلطان بتحية تقدير وعرفان إلى الجمعية وسمو رئيسها الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز والعاملين فيها على تبنيهم فكرة إنشاء هذا المركز، كما تقدم بصادق الامتنان إلى سمو أمير منطقة القصيم، وسمو نائبه والإمارة والأمانة وللجهات التي تفاعلت مع فكرة المركز، وبخاصة المسؤولين في محافظة الرس والجمعية الخيرية للمعوقين بالمحافظة، داعيا أهل الخير من أبناء المنطقة لتقديم ما يلزم من مساندة لتشغيل هذا المركز بكل طاقته بما يمكنه من تقديم خدماته المجانية الشاملة للأطفال من المنطقة وما حولها، مشيرا إلى أن فكرة أسهم الخير المتميزة التي طرحتها الجمعية والتي تهدف منها إلى انشاء مشروع خيري استثماري في مكةالمكرمة، تخصص ايراداته لدعم ميزانية تشغيل مراكز الجمعية، تعد القناة المثالية لمساندة هذا المركز وضمان استمرارية خدماتها. وعن أهمية المركز والخدمات التي سيقدمها، يقول عوض عبدالله الغامدي، أمين عام جمعية الأطفال المعوقين، تبنت الجمعية فكرة إقامة هذا المركز تلبية لتوصية الدراسة الميدانية التي أكدت حاجة منطقة القصيم إلى برامج رعاية متخصصة لهذه الفئة، وأقيم المركز على مساحة خمسة آلاف متر مربع، وتبلغ طاقته الاستيعابية 100 طفل يوميا، وبلغت تكلفته الإنشائية والتجهيزية 10 ملايين ريال. ويضيف الغامدي، في إطار رسالة الجمعية تأهيل الأطفال المعوقين لتجاوز سلبيات الإعاقة، ومساعدة المجتمع في التصدي لأسبابها والتعامل الإيجابي معها، يقدم المركز منظومة من برامج الرعاية المجانية تشمل العلاج والتعليم والتأهيل والتدريب والتوعية، إلى جانب الخدمات الاجتماعية والاستشارية للأطفال المعوقين وذويهم. آلية العمل وبين مدير المركز يحيى العلولا آلية العمل في المركز، حيث تبدأ الخدمات العلاجية بقسم الاستقبال، ومن ثم يحال الطفل إلى العيادات الاستشارية لإجراء الفحص العام والتشخيص من قبل فريق التقييم، وبعد تقييم حالة الطفل يتم وضع البرنامج التأهيلي لكل حالة على حدة، وتتكامل جهود عدد من الوحدات في تنفيذ برامج العلاج والتأهيل هي العلاج الطبيعي،العلاج الوظيفي، عيادات علاج عيوب النطق وعلل الكلام، وحدة الخدمة الاجتماعية، وحدة الإقامة اليومية المؤقتة للأطفال، ورشة الجبائر والأجهزة المساعدة. ويضيف مدير المركز، يتلقى الطفل برنامجا تربويا تعليميا داخل المدرسة بالمركز والتي تضم ثلاث مراحل تعليمية تشمل مرحلة الطفولة المبكرة والتمهيدي، والابتدائي، بالإضافة إلى الأنشطة المساندة القرآن الكريم، معمل الحاسب الآلي، الورشة الفنية وغرفة المصادر، وفي وحدات القسم التعليمي تطبق مناهج تعليمية متخصصة تتناسب مع حجم ونوعية الإعاقة وسن الطفل، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي يمكن الكثير من الأطفال من التأهل للالتحاق بمدارس التعليم العام بعد استكمال برامج التأهيل. ويستطرد العلولا قائلا، تتولى الوحدة النفسية العناية بالطفل وتقييم قدراته العقلية بواسطة استخدام مقاييس الذكاء من أجل تحديد عمره العقلي مما يمكن العاملين مع الطفل سواء الأهل أو المعلمة من وضع أهداف تساعد على تطوير قدراته وتأهيله لتجاوز ظروف إعاقته والتعامل مع الآخرين. وعن مكونات المركز وتكلفة تشغيله السنوية، يضيف العلولا، إلى جانب وحدات القسمين الطبي والتعليمي يضم مبنى المركز مبنى الادارة، ويشمل الوحدات الادارية والمالية والخدمات المساندة، وقاعة الاجتماعات، فيما تبلغ تكلفة التشغيل السنوية للمركز نحو 2،5 مليون ريال خلال السنوات الخمس الأولى، ترتفع سنويا مع تزايد أعداد الأطفال والتوسع المستقبلي المتوقع. يذكر أن جمعية الأطفال المعوقين تعتمد على التبرعات كمصدر رئيسي لتمويل نفقات تشغيل مراكزها وخدماتها المجانية. ولإحداث نقلة نوعية جديدة في برنامج تنمية موارد المركز لدعم خدماته المجانية المتخصصة، فإن المركز بحاجة إلى اقامة مشروع خيري استثماري تحقق عائداته السنوية الاستقرار في دعم ميزانية التشغيل، وقد استندت الجمعية في ذلك إلى فتوى فضيلة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بأن المشاركة في إنشاء مشروع خيري لصالح الجمعية صدقة جارية، وعمل من أعمال الخير والبر حيث سينفق ريعه على رعاية الأطفال المعوقين.