عبرت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان بمنظمة التعاون الإسلامي عن استيائها الشديد من تكرار نشر مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية رسومات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكدة إدانتها لهذا العمل، بوصفه تعبيرا واضحا عن الكراهية والتعصب والازدراء والإساءة إلى مشاعر أكثر من 1.6 مليار مسلم حول العالم. وقالت الهيئة في بيان صدر أمس: «إن الهيئة، كما فعل العالم الإسلامي، عبرت عن صدمتها واشمئزازها العميقين من الهجوم على مكتب مجلة «شارلي إيبدو»، وأكدت أنه لا علاقة لهذه الاعتداءات بالإسلام أو بغيره من الأديان، إلا أن الهيئة لاحظت مع الأسف الشديد أن أول طبعة صدرت للمجلة المذكورة بعد الهجوم نشرت عمدا رسوما كاريكاتورية أكثر ازدراء واستفزازا لمشاعر جميع المسلمين، بما يعد خيانة للشعور السائد بالاشمئزاز من الهجوم والتعاطف مع عائلات من قضوا فيه». وأضافت الهيئة: أن القولبة النمطية الواضحة والسخرية من الشخصية الأكثر إجلالا لدى أتباع دين حنيف ليست سوى شكل متطرف من أشكال التمييز العنصري، والواقع أن هذا الفعل قد فاقم الجدل القائم حول حدود حرية التعبير عن طريق تحويل ما يسمى «بالحق في الإساءة» إلى «واجب الإساءة». وحثت الهيئة المسلمين في جميع أنحاء العالم على الاستمرار في ممارسة ضبط النفس في ردود أفعالهم تجاه هذا الفعل الخبيث الذي ينم عن الاستفزاز والكراهية على أساس افتراض غير سليم للحق في إهانة دين الآخرين وقيمهم وثقافتهم وتشويهها باسم حرية التعبير. مشددة على أنه في هذا الوقت العصيب، الذي يحتاج العالم فيه لمزيد من التسامح واحترام التنوع الثقافي والديني وتعزيز الحوار على جميع المستويات، لن تؤدي هذه الأفعال إلا إلى إطلاق يد المتطرفين من كلا الجانبين، وتوسيع الفجوة الثقافية وتزايد بغض الأجانب والتعصب والكراهية في أوروبا بشكل خاص والعالم بشكل عام. وأعربت الهيئة عن أملها بأن ينهض المجتمع الدولي ليجاهر بالحديث عن سوءات هذا الفعل غير المسؤول، مؤكدة دعمها لحرية التعبير والحاجة لمناقشة جميع الأفكار والقضايا بطريقة منفتحة ومطلعة وصريحة. وفيما يتعلق بازدياد وتيرة حوادث التمييز والعنف لدوافع دينية أو عقائدية في بقاع متفرقة من أنحاء العالم، أكدت الهيئة الحاجة الماسة إلى تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/18 بكيفية فعالة، فهو يوفر إطارا شاملا لمكافحة التعصب الديني، كما حثت الهيئة المجتمع الدولي على مواصلة التمسك بالمثل الحميدة للحوار والاحترام المتبادل والتسامح والمساواة في حماية حرية الدين وحرية التعبير وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. مجمع الفقه على صعيد متصل، أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بيان حول إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم من بعض الصحف الفرنسية والأوروبية، جدد فيه تأكيده على أن مرتكبي هذه التصرفات الماكرة قد ناصبوا العداء لأمة الإسلام قاطبة، وأن المحرضين على الاستمرار في نشر الرسوم المسيئة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يقفون موقفا معاديا بإثارة الكراهية والعنصرية. وأكد المجمع، على لسان أمينه العام الدكتور أحمد خالد بابكر، أن التعايش السلمي بين شعوب العالم ودوله لا يتحقق الا باحترام التنوع الديني والثقافي، وإن معاداة نبي من أنبياء الله ورسول من رسله أو الإساءة إلى رمز من الرموز الدينية أو النيل من مقدساتها تزعزع الأمن وتثير الفتن وتصيب العلاقات والتعايش السلمي بالتصدع. وناشد المجمع، المسلمين في شتى البقاع تجنب إلحاق الأذى والضرر بالآخرين الذين لا ذنب لهم ولا جريرة في إثارة هذه الفتن، وإنها لتحمل أوزار هذه الفتن وما تنتجه من ردود أفعال سلبية للذين وقفوا وراء نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. وتطالب بتقديمهم عاجلا للمحاكمة، وتطالب الجميع أيضا - بلدانا وحكومات ومنظمات وأفرادا - بالوقوف صفا واحدا تجاه كل من تسول نفسه الإيقاع بين أتباع الديانات والثقافات لإحلال الفتن والصراعات بينهم، قبل أن يفضي هذا التسيب بحجة الحرية إلى نقض الجهود التي تم بذلها عالميا للتعايش السلمي والوئام العالمي، وترجو منهم العمل على كل ما من شأنه إسكات الأصوات التي تطالب بمزيد من إشعال نيران الفتن وتهزأ وتسخر من نبي الإسلام وشعائره ومبادئه وقيمه وحقائقه.