لقد كتبت من قبل في هذه الصحيفة، وكتب غيري الكثير، عن خطر شهادة الدكتوراه الوهمية والمزيفة على الفرد والمجتمع. وقد تطوع الكثير لمحاربة هذه الآفة التي تنخر في المجتمع، وعلى رأسهم الدكتور موافق الرويلي عضو مجلس الشورى الذي أنشأ الهاشتاق المعروف في موقع تويتر (#هلكوني)، وأصبح منبرا لمحاربة الوهميين والمزيفين الذين يزيد عددهم يوماً بعد يوم. ولكن للأسف لم تحرك تلك المقالات والمجهودات الكثيرة الجهات المسؤولة لكف يد هؤلاء العابثين وإنزال أشد العقوبات عليهم والتشهير بهم حتى يقف هذا الاستهتار بعقول الناس. يا معالي الوزير، إن قضية الدكتوراه الوهمية من القضايا التي لا يسكت عنها أبدا؛ لأنها جريمة تصل إلى حد التزوير المعنوي، وهي ضمن جرائم انتحال الشخصية، حيث إن إيهام الناس بالحصول على شهادة الدكتوراه يستوجب العقوبات التي نص عليها نظام مكافحة التزوير من سجن وغرامة مالية. كما أن إيهام الناس بالحصول على شهادة الدكتوراه يتولد عنه جريمة نصب واحتيال؛ لما فيه من الحصول على الأموال باتخاذ صفة أو درجة علمية كاذبة وغير صحيحة، حيث إنه لم يكن ليحصل على تلك الأموال لو لم ينتحل تلك الصفة الوهمية. وقبل ذلك كله الكسب الحرام الذي تحصل عليه بالخداع والغش والغبن والكسب المبني على تضليل الآخرين، فضلا عن ما فيه من أكل أموال الناس بالباطل. اليوم لم يعد يجدي أن تبقى هذه القضية في ملعب الاجتهادات الشخصية والمتطوعين الذين قدموا مشكورين كل ما بوسعهم لمحاربة هذه الآفة، بل لا بد من تدخل العمل المؤسساتي، ولا ينجح العمل المؤسساتي إلا بوجود نظام واضح يجرم هذه الأفعال صراحة، ويحدد لها العقوبة القاسية الرادعة التي تجعل صاحبها لا يفكر أبدا في التعدي على الفرد والمجتمع بالادعاء كذبا بالحصول على شهادة الدكتوراه. ولا بد أن يفعل «الحق العام» في مثل هذه القضايا بجانب الحق الخاص، حتى يستطيع المدعي العام المدافعة عنه وحمايته بغض النظر عن الحق الخاص، وذلك لما فيه من ضرر كبير على المجتمع بشكل عام. يا معالي الوزير، كم من ثقة بين الناس أصبحت مفقودة بحكم الإهمال في معاقبة هؤلاء المزيفين، وكم من شهادة حقيقية تعب أصحابها في الحصول عليها أصبحت بلا قيمة بحكم الإهمال في معاقبة هؤلاء المزيفين، وكم من جهلة ناقصين أصبحوا أصحاب درجات علمية وهمية بسبب الإهمال في معاقبة هؤلاء المزيفين؟؟ فلا تتركوا معاليكم هذا الأمر بلا علاج، فإنه فعلا يستحق منكم تدخلا سريعا.. أعانكم الله لما وليتم عليه.