الدمام – سحر أبوشاهين، هند الأحمد «التعليم العالي»: خاطبنا «العمل» للتحقق من مصدر الشهادات وتجاوبهم دون المأمول. الوزارة تتابع قوائم الشهادات الوهمية المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي. تم إغلاق أكثر من 200 مكتب ومؤسسة تروج للجامعات الوهمية. تتابع قوائم الشهادات الوهمية المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي وتوجد وحدة لمتابعة الجامعات الوهمية ومَنْ يروج لها وتم خلال العام الماضي إغلاق أكثر من 200 مكتب ومؤسسة تروج للجامعات الوهمية. أثار ظهور قوائم تشهر بأسماء حملة الشهادات الوهمية في صفحات التواصل الاجتماعي، جدلاً كبيراً حول حجم المشكلة وأخذاً ورداً بين المتصفحين، مطالبين مجلس الشورى بسن أنظمة وتشريعات رادعة لمجابهة المكاتب المروجة للجامعات الوهمية، وحاملي شهاداتها لاسيما مَنْ يتولون مناصب إدارية وأكاديمية بموجب تلك الشهادات. وكانت «الشرق» قد اتصلت بعدد من الذين وردت أسماؤهم في قائمة «الشهادت الوهمية» على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنهم رفضوا جميعاً الإدلاء بأي تعليق على الموضوع. مكافحة التزوير عبدالعزيز الزامل وقال المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز الزامل إنه يجب التفريق بين الشهادات الدراسية غير المعتمدة لدى وزارة التعليم العالي، والشهادات الوهمية التي يحصل عليها أشخاص دون تطبيق لأبسط المعايير الأكاديمية من الناحية القانونية، حيث إن النظام لم يتكلم حول هذه الشهادات الوهمية في حال عدم استعمالها، ولكن الشريعة عدت ذلك من الكذب والغش والخداع، أما في حال استعمال تلك الشهادات الوهمية وذلك بتقدميها إلى الجهات الرسمية وهو على علم من حقيقتها فإن ذلك يعد ارتكاباً للجريمة المنصوص عليها في المادتين الخامسة والسادسة من نظام مكافحة التزوير، وذلك بعقوبة السجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة مالية من ألف إلى عشرة آلاف ريال نظير استعمال المزور فيما زور من أجله. جريمة تشهير وأضاف الزامل «أن الأشخاص الذين قاموا بالتشهير بهؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي التويتر والفيسبوك والمنتديات وغيرها ارتكبوا جريمة تشهير إلكتروني تدخل في منطوق المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية: ومنها التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة)، وكذلك يعاقب بمنطوق المادة الثامنة والثلاثين من نظام المطبوعات والنشر وذلك بغرامة لا تزيد على (500) خمسمائة ألف ريال، وإيقاف المخالف عن الكتابة في جميع وسائل الإعلام، وكذلك إغلاق أو حجب محل المخالفة، مع عدم الإخلال بمطالبة المتضررين بحقهم الخاص من حيث المطالبة بالتعويض حيث ينعقد الاختصاص النوعي لتلك الدعاوى من حيث الشق الجنائي أمام المحكمة الجزائية، ومن حيث المخالفة الإعلامية أمام اللجنة الإعلامية، ومن حيث الحق الخاص أمام المحكمة المختصة لوجود ثلاث مخالفات في الحق العام والحق الخاص والمخالفة الإعلامية». إغلاق وتوعية د. عبدالله القحطاني وأكد مدير عام إدارة معادلة الشهادات الجامعية بوزارة التعليم العالي الدكتور عبدالله القحطاني أن الوزارة تتابع قوائم الشهادات الوهمية المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجد وحدة لمتابعة الجامعات الوهمية ومَنْ يروج لها وتم خلال العام الماضي إغلاق أكثر من 200 مكتب ومؤسسة تروج للجامعات الوهمية وتم الإغلاق بالتنسيق مع الوزارات المعنية كالتجارة والعمل والإعلام والداخلية، وخلال الأربع سنوات الأخيرة خف الترويج لها رسمياً، حيث يندر أن تجد صحفاً تروج لها، فالوزارة نشطة في الإغلاق والتوعية، مضيفاً أن الشهادات الوهمية كأي عمل غير مشروع مازال قائماً في الخفاء ولزواله لا بد من تظافر جهود قطاعات الدولة جميعاً لإيجاد الأنظمة والعقوبات الرادعة سواء لمَنْ يروج لها أو يحصل عليها وهو يعلم يقيناً أنه حصل عليها بالأموال فقط، قائلاً: «لا نبرأ أحداً ممن حصل عليها»، معتبراً متابعة الوزارة للتغريدات على هاشتاق تويتر في إطار عملها الروتيني، ويؤكد أن التعاميم موجودة من سمو ولي العهد سابقاً الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله لمختلف القطاعات وزارة العمل والخدمة المدنية بعدم أحقية أي شخص باستخدام الألقاب العلمية ما لم تكن معادلة من وزارة التعليم العالي، مؤكداً حصر الوزارة لسبع جامعات وهمية والتشهير بها، وهي الأكثر ترويجاً في المملكة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجامعات التي لم يعلن عنها أكثر، مشدداً على أن أي شخص حصل على شهادة من تلك الجامعات فشهادته وهمية ولن تتم معادلتها في الوزارة، ولا يحق لحاملها الحصول على وظيفة بموجب ذلك المؤهل أو استخدام الدرجة العلمية في سيرته الذاتية أو الحصول على ترقيه سواء أكان ذلك في القطاع الحكومي عن طريق الخدمة المدنية أو القطاع الخاص عن طريق وزارة العمل. جهات رقابية وأشار القحطاني إلى أن تفاعل القطاع الخاص ممثلاً في الجهة الرقابية عليه وهي وزارة العمل ما زال دون الحد المأمول رغم كثرة التنبيهات التي أرسلت وضرورة التحقق من الشهادة قبل الشروع في الاستقدام، لافتاً إلى أن رصد أعداد الحاصلين على شهادات لا يمكن تحديده لأن غالبيتهم لا يتقدمون لإدارة معادلة الشهادات لعلمهم باستحالة حصولهم على المعادلة، موضحاً أن الملاحقة القانونية للحاصلين على الشهادات الوهمية أو للمكتب المروج لها ما زالت غير ممكنة في ظل عدم وجود الأنظمة الرادعة التي مازال ينتظر أن يعلن عنها مجلس الشورى، كما تمت مخاطبة وزارة التربية والتعليم بهذا الموضوع أيضاً، وينبغي على الجهة التي تكتشف وجود موظف لديها حاصل على شهادة وهمية إبلاغ الجهات الرقابية. خيانة للوطن د. هشام العبدالقادر وعد مدير تطوير الموارد البشرية في جامعة الدمام الدكتور هاشم العبدالقادر أن مَنْ يمارس مهنة ويتولى منصباً بموجب درجة علمية وهمية، خائن للوطن فإذا كان أستاذاً جامعياً فهو غير قادر على إفادة طلابه وتقديم النصح والتوجيه اللازمين ومساعدتهم على التميز، أما إذا كان يتولى منصباً إدارياً، فمن الصعب الاعتماد عليه لوضع الخطط التطويرية للإدارة التي يتولاها، متسائلاً كيفية حصول هؤلاء على التعيين لولا وجود مَنْ يسهل ذلك، مطالباً بوجود قوانين صارمة تمنع ذلك، لما له من تأثير سلبي في سبيل الوصول لأداء متميز، حيث إن العنصر البشري من أهم عناصر الجودة، التي تسهم في التنمية وتطور الوطن. ويضيف «أما من الناحية الاجتماعية فقد تولد هذه البغضاء بين الموظفين إذا كان بينهم مَنْ يحمل مؤهلاً حقيقياً، ولكنه يرى أن من يحمل مؤهلاً وهمياً يتساوى معه في المميزات الوظيفية، بل قد يحصل على الترقية في حين مَنْ هو مؤهل فعلاً لا يحصل عليه، كما أن السعي للحصول على الدرجة العلمية دليل على عقدة وعدم ثقة بالنفس». شهادات مزورة سلطان بن زاحم وبيَّن المحامي والمستشار القانوني سلطان بن زاحم أن الشهادات الوهمية تختلف عن الشهادات المزورة، والأخيرة هي المبنية على أركان التزوير المعروفة وهي التي يرتب عليها النظام عقوبات التعزير والتي تتمثل في العقوبات المالية أو السجن أو الجلد، ومنها إرجاع ما استلمه الموظف من أموال لقاء هذا التزوير. أما الشهادات الوهمية ففي ظاهرها يغلب عليها حب الظهور الاجتماعي، التي في الغالب يكون مصادر هذه الشهادات غير معترف بها لدى وزارة التعليم العالي وبالتالي لا يترتب على اكتسابها حق وظيفي مُعتبر، خاصة لدى الجهات الحكومية، وحينها تكون كمَنْ حصل على دورة في معهد خاص فقط، مشيراً إلى أن غالب المرشحين للوظائف أو الترقيات يخضعون في الجملة لامتحان قدرات يستجلي منه قدرة الموظف على استحقاق هذه الوظيفة المعلن هنا، ومن الناحية الأدبية أشار ابن زاحم إلى أن المجتمع لا يستسيغ مَنْ يحصل على هذه النوعية من الشهادات وعلى حاملها تحمل التبعات القانونية والأدبية لذلك، مضيفاً أن التشهير هو لإعلام الغير بعقوبة ما وقعت على شخص يرصد اسمه كاملاً أما التشهير بقائمة لحاملي الشهادات الوهمية فلا تتضمن هذا المعنى ولا عقوبة على نشرها. مكافحة الفساد مشعل العلي وأشار عضو مجلس الشورى الدكتور مشعل بن ممدوح العلي إلى أن النظام في المملكة يسعى لمكافحة الفساد بكل أشكاله وأطيافه، مشيراً إلى أن مجلس الشورى يقوم بتصحيح الأنظمة التي تحتاج للتصحيح، مضيفاً إلى أن الشهادات الوهمية انتشرت في العهد الحديث خلال السنوات العشر الأخيرة سواء في المملكة أو غيرها نتيجة للانفتاح والتواصل العالمي الذي كانت له إيجابياته وسلبياته، وضمن هذه السلبيات «الشهادات المزيفة» وفرضها على المجتمع بصورة غير طبيعية وغير نظامية وأخلاقية، مشيراً إلى وجود مشروع يدرس في مجلس الشورى وهو مهم وحيوي وهذا المشروع منطَلق من اللجنة التعليمية في المجلس، الذي يسعى للخروج بنظام صارم يشتمل على عقوبات محددة لمَنْ يستغل تلك الشهادات في القطاعين الحكومي والخاص، وأضاف العلي «أضم صوتي للمطالبين بتفعيل هذا النظام وجعله يتضمن إيقاف وردع لمَنْ يتعدى على ما ليس ملكه». إصرار وترصد وعدّ العلي استغلال الشهادات الوهمية جرماً قانوناً وشرعاً وتعدياً مع سبق الإصرار والترصد كون مثل هؤلاء أرادوا أن يبنوا لهم شخصية من خلال اتباع طرق غير سوية في ذلك، وأضاف العلي «من آثار هذه الشهادات الوهمية وجود أطباء يمارسون مهنة الطب أو مساندين للأطباء يمارسون هذه المهنة بدون دقة ودراسة غير سليمة ومستقيمة وأصبح أثرهم بذلك على المجتمع واضحاً وما تلى ذلك من وجود عديد من الأخطاء الطبية المنتشرة، «مشيراً إلى ضرورة محاربة هذه التصرفات وسن الأنظمة التي تتناسب مع مثل هذه القضية للحد منها، مضيفاً «أن الشهادات الوهمية خطرها أكبر من الفساد المالي والإداري وهو فساد خارج من أشخاص سعوا أن يكونوا من النخبة وأن يخرجوا إلى السطح وأن تكون لهم مكانة وكلمة وهم مع الأسف يفتقرون إلى أسس ثابتة وصحيحة، وبدون قيمة إلا من خلال هذه الشهادات الوهمية، مشيراً إلى ضرورة أن يقر النظام الذي يسعى المجلس للخروج به حول مثل هذه القضية وأن يشهد بالتأييد والدعم والفصح عن الخطأ والتعديل، وقال «نريد أن يكون هناك عقاب مادي لكل من يلجأ للحصول على مثل هذه الشهادات الوهمية وعلمه بأنها مزورة، وتجريده من الأثر الذي نتج عن هذه الشهادة فإن كان في منصب فيجب أن يكون من ضمن العقاب أن يجرد من منصبه والتشهير وعقد لجنة خاصة من خلال جهة تتولى دراسة قضيته ومحاسبته بما يتناسب، وأن يكون العقاب كبيراً كلما كبرت المسؤولية وذلك لتنقية المجتمع والطبقة النخبوية داخل المجتمع. محاربة الشائعة وانتقد العلي التشهير عبر المواقع الإلكترونية قائلاً «إننا بذلك كأننا نعالج خطأً بخطأ آخر، مشيراً إلى أننا ينبغي أن نحارب الشائعة التي هي محرمة عرفاً وشرعاً ونظاماً لما فيها من تأثير على صاحب الشهادة وعلى المجتمع في حال لم تثبت عليه الادعاءات، فحينما يتم التشهير وتكون التهمة في غير محلها، فالشرع يكفل له التظلم ويعاقب مَنْ نَشر مثل هذه الأشياء، وحتى تصبح الصورة واضحة فغالباً ما تكون الشائعة ناتجة عن حقد أو نظرة شخصية مجردة وليس رغبة في الإصلاح، مشيراً إلى أن التشهير يعد تجاوزاً للنظام العام والاستقرار الأمني أيضاً. منوهاً إلى ضرورة عدم إطلاق الأحكام جزافاً، وأن التشهير لا يكون إلا بعد وجود الأدلة والإثباتات حتى لا يؤدي ذلك لحدوث قلق اجتماعي لما له من آثار سلبية على المجتمع بكل منظوماته، وأي قضية يجب ألا تثار لمجرد التشويش فقط.