أشار خبراء ومختصون إلى أن السوق العالمية للنفط قادرة على تصحيح نفسها من خلال قاعدة العرض والطلب، لافتين إلى أن التحديات التي تواجه صناعة النفط في الوقت الراهن والمستقبل القريب تتمثل في دخول النفط والغاز الصخري حلبة المنافسة، وخصوصا في أمريكا التي تمكنت من تطوير تكنولوجيا الحفر بمعدلات عالية خفضت من تكلفة الإنتاج؛ الأمر الذي جعل أمريكا أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وهو ما انعكس على أسعار الغاز في الأسواق العالمية وتدنيها لأدنى مستوياتها. وأكد المستشار السابق في التخطيط الاستراتيجي في شركة أرامكو السعودية في الشؤون النفطية المهندس برجس بن حمود البرجس، أن السوق العالمية قادرة على تصحيح نفسها من خلال قاعدة العرض والطلب، ولم يبد قلقه من الانخفاض الذي شهدته السوق خلال الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أنه لا يرى مبررا منطقيا لتأثر بعض قطاعات السوق المالية السعودية بشكل مباشر بانخفاض أسعار البترول مثل قطاعات الاتصالات والخدمات والتجزئة، وإن كان من المنطقي تأثر القطاعات المرتبطة بالنفط مثل قطاع البتروكيماويات الذي قال إنه تأثر كثيرا خلال العام الحالي وخصوصا خلال الربع الأخير من العام، نتيجة الانخفاض الكبير في أسعار النفط الناجم عن ركود الأسواق في اليابان، والتراجع الذي تشهده الأسواق الصينية والآسيوية التي تعد السوق الرئيسة للبتروكيماويات السعودية. وعن توقعات البرجس لانعكاسات الأوضاع النفطية العالمية على الاقتصاد الوطني وأثرها على الميزانية العامة الجديدة للمملكة للعام المقبل (2015 )، أكد أن المملكة تتمتع باقتصاد قوي ولديها احتياطيات ضخمة تكونت من الوفورات التي تحققت عبر السنوات الماضية، لافتا إلى أن المملكة حققت نحو تريليون ريال فوائض مالية فعلية خلال الفترة من عام 2008 وحتى 2013، وكانت فوائض العام الماضي وحده 206 مليارات، ومن ثم فلا مشكلة من استخدام هذه الفوائض في تغطية العجز المتوقع في الموازنة المقبلة، موضحا أن السوق تظل محكومة بقاعدة العرض والطلب، مشيرا إلى أن الطلب يشهد تراجعا واضحا خلال العام الحالي نتيجة التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، ولهذا انحدرت الأسعار بصورة كبيرة، لكنه قال «إن القاعدة الحاكمة للأسعار تضمن معاودة الارتفاع عندما تلامس الحد السعري الذي يرفع من تكلفة الإنتاج، مما يدفع بعض الشركات المنتجة للخروج من السوق وخصوصا للآبار التي تتسم بالكلفة العالية في الإنتاج»، وتوقع أن يحوم السعر بعد استقرار السوق عند 80 دولارا، واعتبره السعر العادل الآن. وعن أكبر التحديات التي تواجه صناعة النفط في الوقت الراهن والمستقبل القريب قال البرجس: إنها تتمثل في دخول النفط والغاز الصخري حلبة المنافسة، وخصوصا في أمريكا التي تمكنت من تطوير تكنولوجيا الحفر بمعدلات عالية خفضت من تكلفة الإنتاج الأمر الذي جعل أمريكا أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وهو ما انعكس على أسعار الغاز في الأسواق العالمية وتدنيها لأدنى مستوياتها، وأشار إلى أن المملكة تمتلك مكمنا صخريا نفطيا واحدا وصغيرا غير مؤثر، بينما تمتلك غازا صخريا بكميات ضخمة ومؤثرة تقدر بأكثر من 600 مليار قدم مكعب. كما لفت إلى التحدي الثاني الذي يواجه النفط حاليا وخلال العقدين القادمين والمتعلق بتطوير تكنولوجيا صناعة السيارات الهجين التي تعتمد على طاقة الكهرباء، حيث قال «إن التوقعات تشير إلى ارتفاع عدد السيارات من هذا النوع إلى 70 مليون سيارة خلال العشرين سنة المقبلة»، فضلا عن تطوير استهلاك السيارات للبنزين من 15 لترا لكل مائة كيلومتر في السابق، وخفضها إلى 10 لترات حاليا، وتوقع انخفاضها إلى 5 لترات في ال 25 سنة المقبلة، وهو ما يخفض كثيرا من الاستهلاك، مما يستلزم التخطيط الجدي للبحث عن بدائل ملائمة للنفط وعدم الاعتماد عليه كمصدر رئيسي وحيد للدخل. وأشار البرجس، إلى أنه نتيجة للأوضاع المتذبذبة لسوق البترول العالمية، فقد حدثت أكبر عملية دمج في القطاع النفطي في العالم بين إحدى أكبر شركتين بتروليتين في العالم هما شركتا هاليبرتون،وبيكرهيوز، لمواجهة تداعيات وتحديات السوق. من جانبه أبدى نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس اللجنة الاستثمار والأواراق المالية خالد المقيرن، تفاؤله بمتانة الاقتصاد الوطني وقدرته العالية على امتصاص أزمة تدني أسعار البترول، وبنى تفاؤله على ما تمتلكه المملكة من احتياطات نفطية هائلة، ووفورات مالية كبيرة كونتها الدولة خلال السنوات الماضية، وهو ما يجعلها قادرة على مواجهة متطلبات التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد بقوة، متوقعا أن تصدر الميزانية الجديدة للدولة بأرقام مبشرة لقطاعات السوق وتغطية العجز المتوقع فيها، متوقعا استقرار وجودة السوق المالية السعودية، مستندا إلى الأداء القوي للشركات الكبيرة في السوق، وتوفر السيولة الضخمة في الدولة والبنوك، ورفع مستويات جاذبية الاستثمار في السوق من خلال دخول البنك الأهلي التجاري في السوق بعد طرح نحو 13 مليار ريال من قيمة أسهمه للاكتتاب العام، وكذلك فتح الاستثمار في السوق للأجانب؛ ما يسهم في تعميق وتوسيع قاعدة السوق ورفع مستويات الأداء فيها.فيما توقع مدير الأبحاث والمشورة في إحدى الشركات المالية وعضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية في غرفة الرياض تركي فدعق، انخفاض أرباح شركات قطاع البتروكيماويات السعودية بمعدل 20 30 في المئة، خلال الربع الأخير من العام الحالي، نتيجة استمرار تراجع حجم المبيعات ومعدلات الأسعار في الأسواق الخارجية.