أكد المشاركون في ندوة «مستقبل النفط وتأثيره على الاقتصاد الوطني والسوق المالية» أن سوق النفط قادرة على تصحيح نفسها، وقال المحلل الاقتصادي المهندس برجس البرجس إن السوق العالمية ستصحح نفسها من خلال قاعدة العرض والطلب، ولم يبدِ قلقه من الانخفاض الذي شهدته السوق خلال الأشهر الأخيرة، وذلك خلال الندوة التي استضافتها غرفة الرياض أمس الأول بحضور خالد بن عبد العزيز المقيرن رئيس لجنة الاستثمار والأوراق المالية بالغرفة، وأدارها تركي فدعق مدير الأبحاث والمشورة بشركة البلاد المالية وعضو اللجنة. وقال البرجس إنه لا يرى مبرراً منطقياً لتأثر بعض قطاعات سوق المال السعودي بشكل مباشر بانخفاض أسعار البترول مثل قطاعات الاتصالات والخدمات والتجزئة، وإن كان من المنطق تأثر القطاعات المرتبطة بالنفط مثل البتروكيماويات الذي قال إنه تأثر كثيراً خلال العام الحالي وخصوصاً خلال الربع الأخير، نتيجة انخفاض أسعار النفط الناجم عن ركود الأسواق في اليابان، والتراجع الذي تشهده الأسواق الصينية والآسيوية والتي تُعد السوق الرئيسة للبتروكيماويات السعودية. من جانبه توقع تركي فدعق انخفاض أرباح شركات البتروكيماويات السعودية بمعدل20 -30% خلال الربع الأخير من العام الحالي، نتيجة استمرار تراجع حجم المبيعات ومعدلات الأسعار في الأسواق الخارجية. وعن توقعات البرجس لانعكاسات الأوضاع النفطية العالمية على الاقتصاد الوطني وأثرها على الميزانية العامة الجديدة للمملكة للعام (2015)، أكد أن المملكة تتمتع باقتصاد قوي ولديها احتياطيات ضخمة تكونت من الوفورات التي تحققت عبر السنوات الماضية، لافتاً إلى أن المملكة حققت نحو تريليون ريال فوائض مالية فعلية خلال الفترة من 2008 وحتى 2013، وكانت فوائض العام الماضي وحده 206 مليارات، ومن ثم فلا مشكلة من استخدام هذه الفوائض في تغطية العجز المتوقع في الموازنة القادمة. وأوضح البرجس أن سوق النفط تظل محكومة بقاعدة العرض والطلب، مشيراً إلى أن الطلب يشهد تراجعاً واضحاً خلال العام الحالي نتيجة تباطؤ نمو الاقتصادي العالمي، ولهذا انحدرت الأسعار بصورة كبيرة، لكنه قال إن القاعدة الحاكمة للأسعار تضمن معاودة الارتفاع عندما تلامس الحد السعري الذي يرفع من تكلفة الإنتاج، مما يدفع بعض الشركات المنتجة للخروج من السوق وخصوصاً للآبار التي تتسم بالكلفة العالية في الإنتاج، وتوقع أن يحوم السعر بعد استقرار السوق عند 80 دولاراً، واعتبره السعر العادل الآن. وعن أكبر التحديات التي تواجه صناعة النفط في الوقت الراهن والمستقبل القريب قال البرجس إنها تتمثل في دخول النفط والغاز الصخري حلبة المنافسة، وخصوصاً في أمريكا التي تمكنت من تطوير تكنولوجيا الحفر بمعدلات عالية خفضت من تكلفة الإنتاج الأمر الذي جعل أمريكا أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وهو ما انعكس على أسعار الغاز في الأسواق العالمية وتدنيها لأدنى مستوياتها، وأشار إلى أن المملكة تمتلك مكمناً صخرياً نفطياً واحداً وصغيراً غير مؤثر، بينما تمتلك غازاً صخرياً بكميات ضخمة ومؤثرة تقدر بأكثر من 600 مليار قدم مكعبة. كما لفت إلى التحدي الثاني الذي يواجه النفط حالياً وخلال العقدين القادمين والمتعلق بتطوير تكنولوجيا صناعة السيارات الهجين التي تعتمد على طاقة الكهرباء، حيث قال إن التوقعات تشير لارتفاع عدد السيارات من هذا النوع إلى 70 مليون سيارة خلال العشرين سنة القادمة، فضلاً عن تطوير استهلاك السيارات للبنزين من 15 لتراً لكل مائة كيلومتر في السابق، وخفضها إلى 10 لترات حالياً، وتوقع انخفاضها إلى 5 لترات في ال 25 سنة المقبلة، وهو ما يخفض كثيراً من الاستهلاك، مما يستلزم التخطيط الجدي للبحث عن بدائل ملائمة للنفط وعدم الاعتماد عليه كمصدر رئيس وحيد للدخل. وأشار البرجس إلى أنه نتيجة للأوضاع المتذبذبة لسوق البترول العالمية، فقد حدثت أكبر عملية دمج في القطاع النفطي في العالم بين إحدى أكبر شركتين بتروليتين في العالم هما شركتا هاليبرتون، وبيكرهيوز، لمواجهة تداعيات وتحديات السوق. من جانبه أبدى خالد المقيرن تفاؤله بمتانة الاقتصاد الوطني وقدرته العالية على امتصاص أزمة تدني أسعار البترول، كما أبدى تفاؤله باستقرار وجودة سوق المال مستنداً على الأداء القوي للشركات الكبيرة، وتوفر السيولة الضخمة في الدولة والبنوك، ورفع مستويات جاذبية الاستثمار في السوق من خلال دخول البنك الأهلي التجاري في السوق، وكذلك فتح الاستثمار في السوق للأجانب مما يسهم في تعميق وتوسيع قاعدته ورفع مستويات الأداء فيها، وقال إن السوق ستظل متماسكة رغم بعض الظواهر العارضة.