ستصبح الأرض خلال مستقبل قريب على حافة الهلاك. ستسنفد مصادر عيشها كلها ويصبح الكائن البشري قاب قوسين وأدنى من الانقراض. لكن هناك أمل، ربما الأمل الوحيد المتاح للبشرية وهو اكتشاف «ثقب زجاجي» يوجد قرب كوكب المشتري في الفضاء الزمني. وتعتبر الثقوب الزجاجية ثغرات في الفضاء الزمني تداني بين نقطتين في الكون هما قياسيا متباعدتان بمئات السنوات الضوئية. سيتم إرسال فريق من رواد الفضاء على متن مركبة للبحث عن كواكب صالحة لعيش الإنسان. ستكون الرحلة طويلة وشاقة لهؤلاء الرواد. هذا ما يحكيه فيلم «أنترستلير» للمخرج الأمريكي كريستوفر نولان. بعد فيلميه الناجحين «إنسبشيون» و «دارك نايت» .. يعود نولان في فيلمه الأخير إلى أصول سينما المغامرة الهوليودية مبرزا على السطح أبطالا معجونين بالمشاعر الطيبة، رجال ونساء يتميزون بالشجاعة، مستعدون للقيام بأي شيء من أجل إنقاذ أقاربهم والإنسانية جمعاء. مناضلين من أجل الحياة داخل فضاءات عدائية وغريبة وبديعة. في الظاهر ورويدا رويدا يحاول كاتب السيناريو أن يحطم الأفكار المسبقة والمقولبة عند المشاهد جاعلا من أبطاله أكثر التصاقا بعيوب الانسان: الأنانية والغرور والغضب. وأكثر استدراكا لقيم الإنسان النبيلة التي تجعل من الإنسان إنسانا في أي زمان ومكان حتى في أصعب الأوقات وأحلكها. يركز فيلم نولان على العواقب النفسية للفقدان، والشعور بالوحدة أمام اللا متناهي الكوني. أبطال الفيلم من المستكشفين الذين شرعوا في غزو الفضاء من أجل إنقاذ البشرية. وهنا يثير الفيلم بشكل مقلق ومخيف، موضوع نهاية العالم ومصير البشرية التي أصبح من المتعذر عليها العيش فوق كوكب الأرض. كاتب السيناريو جونتان نولان هو أخ المخرج وهو أيضا من كتب «دوبريستيج» و «مومينتو» و «دارك نايت». كالمعتاد موسيقى هتنز زيمير تصاحب أحداث الفيلم، كما أن فريق الممثلين أكثر خبرة وبروزا كما هو الحال دائما مع ماثيو ماكونهي، مايكل كين، آن هاثاواي وجيسيكا شاستاين أما المؤثرات الخاصة فهي تتجاوز الإبهار إلى الدقة في التفاصيل وابتداع تقنيات جديدة بلا شك هناك ديكورات حقيقية، لكن العمل الأساسي يكمن في الاشتغال المعلومياتي وبرامج المؤثرات التي أصبحت متطورة وتفتح أفقا لتنافسية حادة بين الأستوديوهات السينمائية. المخرج السينمائي كريستوفر نولان كان مفتونا دائما بمفهومي الزمن و الأبعاد. وجاءت فرصة هذا الفيلم الضخم «بين النجوم» ليجسد هذا الهوس على أرض الخيال والسينما. يمكن القول إن الفيلم بأكمله يتمحور حول مفهوم الزمنية وبينه تقيم مجموعة من القيم الإيجابية والسلبية التي تعرض للنقاش وتوضع على المحك: الإنسان والإنسانية، الإنسان والآلة.الإنسان والحب. الإنسان وضرورة البقاء على قيد الحياة. من الواضح أن أهم رسالة ممتدة يمكن الخروج بها من مشاهدة هذا الفيلم أن كوكبنا الأرض جوهرة حقيقية من الجمال والخصب والعطاء، فلنحافظ عليها قبل فقدانها والسعي وراء المجهول للبحث عن كوكب آخر لا يمكن الوصول إليه في ظل التطور العلمي الحال ولا حتى بعد مئات السنين. في النهاية، يقدم نولان بفيلمه «بين النجوم» أجمل أفلام الخيال العلمي التي أنتجت خلال السنين الأخيرة. فيلم مشحون بمغامرات وأحداث عجيبة ومؤثرات تقنية وعاطفية مبهرة.