دولة «الابرتهايد» الإسرائيلية تمضي قدما في تعميق سياساتها العنصرية، وتؤجج حالة التمييز العرقي بين الفلسطينيين العرب، رغم ادعاءات قياداتها وحلفائها، بأنها دولة «ديمقراطية وهي بعيدة كل البعد عن الديمقراطية». لا يود المرء هنا، التعرض لكل الممارسات والانتهاكات العنصرية، ولن يعود إلى كل القرارات السياسية المنادية بالتمييز والفصل العنصري بين العرب والإسرائيليين بل سيعيد التذكير بالقرارات العنصرية الجديدة، التي تأتي كامتداد منطقي للممارسات والسياسات العنصرية السابقة خاصة في أعقاب إعدام الشرطة الإسرائيلية للشاب حمدان في كفر كنا، خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية وفريق ائتلافه الحاكم، ليطالب بسحب الجنسية الإسرائيلية من أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 في حال دافعوا عن أنفسهم أو اتهموا «مجرد اتهام» من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية بالقيام بأي عمل للدفاع عن أنفسهم حتى لو كان مجرد إلقاء الحجارة ردا على بطش أجهزة الأمن وقطعان المستعمرين، بإيقاع أقصى أشكال وألوان العقاب والاعتقال لعشرات السنين.. سؤال برسم قيادات الحكومة والدولة الإسرائيلية، هل هذه القرارات والإجراءات تعكس أي بعد من أبعاد الديمقراطية؟ وما هي معايير هذه الديمقراطية؟ وهل دولة تميز بين مواطن وآخر على أساس العرق والديانة يمكن أن تكون ديمقراطية؟ وهل دولة تبرر لليهود جرائمهم مرة باسم «الجنون»، ومرة باسم «الدفاع عن النفس»، ومرة بإسقاط القضايا عنهم، ومرة بمحاكمتهم محاكمات صورية وشكلية أو تغريمهم شواقل لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، هل يمكن أن تكون ديمقراطية؟ وهل يمكن لدولة تحرم مواطنيها من البناء العمراني، وتلاحقهم صباح مساء، وتهدم بيوتهم فوق رؤوسهم أو تجبرهم بهدم بيوتهم كما يجري في مدينة القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية المحتلة، أن تكون ديمقراطية؟ أسئلة الفصل العنصري في السياسة والممارسة الإسرائيلية تطول، وتبز نفسها من مرجعياتها لتلقي بنفسها في وجوه قادة إسرائيل نفسها وقادة الغرب عموما الذي يعيشون في كنف الديمقراطية وتطالبهم بالجواب الصريح والمسؤول، هل الكم الهائل من القرارات والقوانين والممارسات والإجراءات والانتهاكات العنصرية الخطيرة، تشي بوجود دولة ديمقراطية؟ كيف؟وما هي المعايير؟ وهل فعلا تتوافق السياسات والقوانين والجرائم العنصرية الإسرائيلية مع أسوأ أشكال الديمقراطية البرجوازية في العالم؟ واجب ومسؤولية سياسية وأخلاقية ومعرفية على دول العالم الغربي، وكل دولة تدعي بأنها جزء من منظومة الديمقراطية محاكاة التشخيص العلمي والمنطقي للدولة الإسرائيلية، كدولة ابرتهايد، ولا تمت بصلة لأي من أشكال الديمقراطية. لأن المبدأ الناظم للديمقراطية ، يقول، لا يمكن لنظام سياسي يحتل أو يشرع القوانين لاضطهاد شعب آخر أو جزء من مكونات البلاد التي يحكمها، ويطبق السياسات والانتهاكات ضد الشعب الآخر أو الأقلية الأخرى أن يكون ديمقراطيا. وبالتالي التشخيص الدقيق، هو أن إسرائيل دولة عنصرية، ودولة تطهير عرقي. وتعمل بمنهجية وتخطيط مسبق على تعميم وتفشي مظاهر الفاشية والعنصرية في أوساط المجتمع ونخبه السياسية والأمنية والثقافية الإعلامية والأكاديمية، الأمر الذي يفرض التصدي لها من قبل العالم ككل والغرب خصوصا لا التغطية على طابعها العنصري. * كاتب ومحلل سياسي فلسطيني