وأنت في كورنيش جدة الجنوبي أو كورنيش البسطاء كما يطلق عليه، تجد نفسك محاطا بالظلام ولا تمتلك سوى الهروب من سيناريو الصمت والوحشة، حيث يؤكد عشاق هذا الموقع أن غياب الإنارة والخدمات وملاهي الأطفال يطرد رواد هذا الكورنيش. وأضاف مرتادو هذا الكورنيش: أنه موحش وما زال في معزل عن الخدمات الأساسية، فلا إنارة.. ولا مركز للشرطة أو للإسعاف، ناهيك عن ملاهي الترفيه والتموينات. وتابعوا أن المتنزهين يكتفون بمشاهدة البحر ومزاولة الصيد، وبعد ذلك الرحيل سريعا.. قبل حلول الظلام. ويحكي وصل الله الجدعاني (الذي يعيش وعائلته وأبناء عمومته في هذه المنطقة منذ عشرات السنين)، كيف عطلت وعود المسؤولين في أمانة جدة العديد من المشاريع التنموية والخدمية في الكورنيش الجنوبي، وقال: «بدأت آمالنا تحيا عند تولي المهندس محمد سعيد الفارسي أمانة مدينة جدة، حيث أطلق العديد من التصريحات المشجعة والمتفائلة لكل المواطنين بأن منطقة الكورنيش الجنوبي ستشهد طفرة عمرانية ضخمة، وستكون مقصدا سياحيا كبيرا على مستوى المملكة وليس على مستوى محافظة جدة. وأضاف: «كما أن جهات حكومية شاركت الفارسي في زرع التفاؤل بتوزيع مشاريعها على المنطقة، إلا أن كل ذلك كان وهما، وها هي منطقة الكورنيش تحيي هذه القصة. ويستطرد الجدعاني: «لم تستفد المنطقة من الخدمات الحكومية إلا سفلتة وترصيف الطرق الرئيسة، وقد كان ذلك على مراحل، أما الإنارة.. فلا تزال أعمدتها المظلمة شاهدة على إهمال القائمين على أمر الكورنيش، الذي لا يزال يعيش ظلاما حالكا عند كل مغيب للشمس، مضيفا بقوله: «لا يستطيع أي زائر أو مصطاف لهذه المنطقة المكوث طويلا عند حلول المساء، فمنظر البحر الساحر يتحول مساء إلى حالة من عدم الارتياح ولربما الخوف، خاصة أن منطقة الكورنيش تفتقد إلى وجود مركز للشرطة أو للإسعاف، أو أي منطقة خدمية. ويؤكد الجدعاني أن كثيرا من أرصفة الكورنيش صارت تكسوها النفايات، بل أصبح من اللافت تكدسها، وهو أمر قد يكون طاردا للقلة من المصطافين الذين لا يزالون يقصدون الكورنيش الجنوبي. ويضيف الجدعاني أن العشرات من أفراد قبيلتة نزلوا وسكنوا منطقة الكورنيش الجنوبي منذ عشرات السنين، حين كانوا يمتهنون رعي الإبل, مشيرا إلى أن المنطقة تضم مناطق القوزين والقرينين.. ويطلق عليها جميعا بمنطقة الخمرة، أما الكورنيش الجنوبي فيبدأ من دور القاعدة البحرية إلى مسافة 40 كلم جنوبا. واستطرد الجدعاني «أن الكورنيش بدأت به السفلتة والأرصفة منذ قرابة ال (25) عاما تقريبا، إلا أنه منذ ذاك لم يضاء شارع أو رصيف برغم وجود أعمدة الإنارة. من جهته، أوضح عبدالعزيز الصبحي أن العديد من أهالي منطقة الكورنيش الجنوبي تقدموا بحزم من المطالب بل والشكاوى إلى كافة الجهات الحكومية للارتقاء بالكورنيش وبالمناطق التابعة له إداريا، لكن -على حد قوله- فإن كل الوعود ذهبت أدراج الرياح لاسيما من مسؤولي الأمانة. وأضاف: «منذ ما يقارب ال (30) عاما.. وأهالي المنطقة يسمعون من حين لآخر وعود أمناء جدة، ومن ينوبون عنهم في المسؤولية، وها هو الواقع يكشف تلك الوعود، ومدى صبر الأهالي على افتقادهم للخدمات». واختتم الصبحي قوله: «لا أدري متى سينتهي الإهمال لهذه المنطقة عموما.. وللكورنيش بشكل خاص، الذي لا يقل روعة وجمالا عن باقي شواطئ المملكة.. لكنه الإهمال، وليس أكثر.