رغم كل ما يبثه المناوئون لبرنامج الابتعاث من قصص وحكايات مختلقة يهدفون منها إلى ترسيخ صورة سلبية عن البرنامج وعن الطلاب والطالبات، إلا أن الواقع يثبت العكس، فرغم العدد الكبير الذي يتفرق في دول الشرق والغرب، فإن المشاكل والمخالفات والإخفاقات تظل في أدنى الحدود بحسب ما تؤكده معلومات وإحصائيات الملحقيات الثقافية، والحقيقة أنه لم يعد الخوف عليهم من الانفلات والتحلل الأخلاقي كما يكرس فريق الاعتراض والمناوءة، وإنما من الاستقطاب في الاتجاه المعاكس إلى فكر التطرف الذي يؤدي إلى الانتحار في ساحات الموت العبثي، وهو الفكر الذي يتبناه هذا الفريق بأشكال مختلفة وأساليب متعددة تؤدي كلها إلى نتيجة واحدة. وهناك فرق بين أن ينحرف طالب في هذا المسار نتيجة اجتهاداته وقناعاته الشخصية، وأن يكون انحرافه نتيجة مشروع منظم واستراتيجية مدروسة تستهدفه وتحاصره حتى يسقط في براثنها. إلى الآن لا يمكن اعتبار العدد القليل جدا من الطلاب الذين جذبتهم أفكار الجهاد يمثل ظاهرة، لكنه حتما يشكل قلقا عندما يتحول الأمر إلى مشروع استهداف، وعندما نقرأ خبرا كالذي نشرته صحيفة الحياة يوم الجمعة الماضي، 14 نوفمبر، فإننا لا بد أن نفكر ونتعامل مع هذه القضية بمنتهى الجدية والحذر. يفيد الخبر أن تنظيم داعش بدأ في تنفيذ خطة إعلامية مركزة موجهة للمبتعثين السعوديين عبر مجموعة إصدارات باللغتين العربية والإنجليزية لاستقطاب عناصر جديدة يستفيد منهم في أنشطته المختلفة، القتالية منها واللوجستية، عن طريق إغراقهم بالرسائل الإلكترونية والمطبوعات والإصدارات التي تزين لهم الانخراط في التنظيم بواسطة الفتاوى وقصص الجهاد لنماذج من الشباب السعودي، وقد بدأ الطلاب في تحذير زملائهم منها وتنبيههم إلى خطر الانخداع بها. ولكن هل هذا يكفي؟ هل نتركهم وحدهم يتعاملون مع هذا الخطر؟ من الصعب الحديث الآن عن آلية متكاملة وممكنة التطبيق لاحتواء هذا الخطر، ولكن لا بد من قرع الأجراس وإشعال الضوء الأحمر في كل الجهات المعنية لمقاومة هذه الهجمة الخبيثة التي لا يستبعد وجود عناصر قد تزينها وتدعمها هنا أو هناك، بطريقة أو بأخرى. وإن كان هناك من نداء، فإنه موجه إلى وزارة التعليم العالي لبلورة خطة عاجلة بالتنسيق مع كل الجهات المعنية لوضع حائط صد منيع أمام هذا المخطط البشع الذي يستهدف أجمل أحلامنا.