أذكر يوم كنت طالبا في المدينةالمنورة ولم يكن فيها طريق مرصوف، ولم يكن بها شبكة للماء والكهرباء، واليوم تقفز المملكة لتصبح واحدة من الدول التي تشارك في صنع السياسات الاقتصادية العالمية، لتصبح الدولة الثامنة عشرة من بين الدول العشرين. لقد اكتسبت المملكة عضويتها في مجموعة العشرين نتيجة لارتفاع أهميتها وتأثيرها في قطاع الطاقة العالمية، وارتفاع حجم التجارة الدولية، وتأثير ذلك على دول العالم. فالسياسات المالية التي تتخذها المملكة تبين أنها أصبحت تؤثر في نشاط الاقتصاد العالمي. إن نجاح المملكة في توجيه السياسة الاقتصادية كان له الأثر الواضح في بلوغ المملكة مرتبة تشارك في رسم سياسة الاقتصاد العالمي، وملاذ آمن للاستثمارات من دول العالم المختلفة، كما أن النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي ساعد كثيرا على بلوغ المملكة هذه المكانة. ومن المؤكد أن سياسات المملكة الإيجابية تجاه قضايا العالم بشكل عام وقضايا المنطقة بشكل خاص وحرصها على إرساء الأمن والسلم العالميين أعطاها وهجا في المحافل العالمية. لقد واكبت المملكة اجتماعات القمة للمجموعة العشرين منذ بدايته عام 2008م عندما شاركت يومها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في واشنطن، أما الاجتماع الثاني فقد كان الوفد برئاسة الأمير سعود الفيصل في 2010 في لندن، والثالث كان برئاسة وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف 2012 في البرازيل، ويترأس الوفد السعودي في قمة العشرين الحالية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نيابة عن خادم الحرمين الشريفين. إن مشاركة المملكة في قمة أستراليا تكتسب أهمية كبرى، فجدول الأعمال يتضمن قضايا عالمية سياسية واقتصادية، يأتي في مقدمتها مسألة تعزيز الاقتصاد العالمي وإصلاح المؤسسات المالية العالمية، وتحسين التنظيم المالي، وهذه القمة سوف تركز بشكل خاص على دعم النمو الاقتصادي العالمي وجعل الاقتصاد العالمي أكثر مرونة للتعامل مع الأزمات المالية الاقتصادية في المستقبل. فالمملكة تمتع بدور هام ومؤثر في الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وأيضا إسهامها في تحقيق هدف المجموعة المتمثل في تشجيع النمو القوي والمتوازن والمستدام في إطار المحافظة على مصالح جميع الدول النامية والمتقدمة. أما على مستوى الطاقة العالمي، فإن المملكة تعنى على الدوام بالاستقرار في الأسواق النفطية العالمية، فتأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة، من خلال الاحتفاظ بطاقة إنتاجية متوازنة تغطي الطلب العالمي إذا زاد، وتأخذ في الاعتبار إذا انخفض، لضمان تدفق الاستثمارات الضرورية لتعزيز القدرات الإنتاجية، ومساعدة الدول الفقيرة في سعيها للوصول إلى مصادر طاقة موثوقة ومعقولة التكلفة، والمساعدة في خفض مستوى الفقر، وتحقيق النمو والتنمية، وهو ما يؤهلها لأن تلعب دورا أساسيا في صياغة نظام اقتصادي عالمي يمكن من الاستجابة لنداء الأزمة المالية العالمية. لم يكن للمملكة أن تقوم بهذا الدور لو لم تكن تنعم باقتصاد قوي، فقد حققت المملكة نموا ونهضة اقتصادية على جميع الأصعدة، فقد حافظت على معدل نمو بلغ 6 % في الأعوام العشرة الماضية، كما أن اقتصاد المملكة يمثل 25 % من اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولم يكن لذلك أن يتأتى لولا نعمة الأمن والاستقرار. ويمكن التأكيد على أن مشاركة المملكة في قمة العشرين ستكون إيجابية لمصلحة قضايا الأمة العربية والإسلامية وإرساء الأمن والسلم العالميين.