لم تأت مشاركة المملكة في القمم العشرينية منذ تأسيسها حتى انعقاد القمة في أستراليا غدا من فراغ، حيث اكتسبت المملكة عضويتها في مجموعة العشرين نتيجة لدورها الريادي في المحافل الدولية وسياساتها الداعمة للأمن والسلم العالمي وحرصها على لعب دور فاعل في تنمية الاقتصاد العالمي، حيت أصبحت للمملكة مكانتها الدولية الرفيعة من خلال مشاركتها الفاعلة في صناعة القرار السياسي الاقتصادي العالمي وصياغة نظام اقتصادي عالمي وتشجيع النمو القوي والمتوازن والمستدام، في إطار المحافظة على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء والحرص على إيجاد حلول عادلة وشاملة للأزمات التي يشهدها العالم. وعندما تشارك المملكة في قمة العشرين في أستراليا بوفد رفيع المستوى يرأسه نياية عن خادم الحرمين الشريفين سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد فإنها ترسل للعالم رسالة أن المملكة تسعى لتعزيز قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ الإرهاب والتشدد ورفض الفكر الطائفي المقيت والسعي لتعزيز الأمن والسلم العالمي وتقوية الاقتصاد العالمي، وحريصة على إيجاد حلول عادلة وشاملة لقضايا وأزمات خاصة القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع العربي الإسرائيلي وهي جادة في اجتثاث الإرهاب والقوى الظلامية التي تريد أن تبث الفرقة والتشرذم في أوساط الأمة العربية. خاصة أن المملكة شاركت بفعالية في اجتماعات القمة للمجموعة العشرين منذ بدايته عام 2008م والتي عقدت في واشنطن، وقمة العشرين التي عقدت عام 2010 في لندن، والقمة الثالثة التي عقدت عام 2012 في البرازيل. إن نجاح المملكة في توجيه السياسة الاقتصادية العالمية بشكل متوازن ومستدام كان له الأثر الواضح في بلوغ المملكة هذه المرتبة العالمية في أقوى محفل عالمي وسياسي خاصة أن النمو المتوازن للنظام الاقتصادي السعودي ساعد كثيرا على بلوغ المملكة هذه المكانة الاقتصادية الرفيعة مع التزام المملكة بالدبلوماسية الهادئة ومواقفها الإيجابية تجاه قضايا العالم بشكل عام وقضايا المنطقة بشكل خاص وحرصها على إرساء الأمن والسلم العالمي أعطاها وهجا لها في المحافل العالمية. إن مشاركة المملكة في قمة أستراليا تكتسب أهمية كبرى، فجدول أعمال القمة يتضمن قضايا عالمية سياسية واقتصادية، يأتي في مقدمتها مسألة تعزيز الاقتصاد العالمي، وإصلاح المؤسسات المالية العالمية، وتحسين التنظيم المالي، وهذه القمة سوف تركز بشكل خاص على دعم النمو الاقتصادي العالمي وجعل الاقتصاد العالمي أكثر مرونة للتعامل مع الأزمات المالية الاقتصادية في المستقبل. فالمملكة تتمتع بدور هام ومؤثر في الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وأيضا إسهامها في تحقيق هدف المجموعة المتمثل في تشجيع النمو القوي والمتوازن والمستدام في إطار المحافظة على مصالح جميع الدول النامية والمتقدمة. أما على مستوى الطاقة العالمي فإن المملكة تعنى على الدوام بالاستقرار في الأسواق النفطية العالمية، فتأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة، من خلال الاحتفاظ بطاقة إنتاجية متوازنة تغطي الطلب العالمي إذا زاد، وتأخذ في الاعتبار أيضا ضمان تدفق الاستثمارات الضرورية لتعزيز القدرات الإنتاجية، ومساعدة الدول الفقيرة في سعيها للوصول إلى مصادر طاقة موثوقة ومعقولة التكلفة، والمساعدة في خفض مستوى الفقر، وتحقيق النمو والتنمية، وهو ما يؤهلها لأن تلعب دورا أساسيا في صياغة نظام اقتصادي عالمي يمكن من خلاله التعامل مع أي أزمة اقتصادية عالمية؟ وأخير نقول إن المملكة من خلال مشاركتها في قمة العشرين فإنها تؤكد حرصها على إرساء الأمن والسلم العالمي والتأكيد على ضرورة إيجاد حلول عادلة لقضايا الأمة وتقوية الاقتصاد العالمي.