هذا عنوان لكتاب ألفه الأستاذ المصري أحمد أبو بكر إبراهيم (1909 1972م) الذي عمل بالتدريس في المملكة بالأربعينيات الميلادية، وقد صدر الكتاب سنة 1948م وعدها الناقد عبدالله المعيقل بأنها «.. أول دراسة منهجية نقدية للأدب السعودي، تؤسس للبدايات الأولى لمساهمة الأخوة العرب في الكتابة عن الأدب في المملكة..» وقال: إن المؤلف قد نشر أجزاء من الكتاب في مجلة (الرسالة). لقد أحسنت وزارة الثقافة والإعلام (وكالة الوزارة للشؤون الثقافية) صنعا في إعادة طبع هذا الكتاب عام 1434ه (2013م)، والذي يعرض صورة (بانورامية) لما كانت عليه الحياة الثقافية بالحجاز عام 1938م أثناء إقامة المؤلف بالمملكة، أي قبل ثلاثة أرباع القرن، وقبل أن يعم التعليم أنحاء المملكة. وهو يعتبر بحق مرجعا مهما للباحثين والدارسين. فبنظرة سريعة على الكتاب نجده يقول في تقديمه: «إليك أيها العربي يا من تنطق بأشرف لغة، وتحمل أسمى لقب، أقدم إليك هذا الكتاب وفاء ببعض دين العروبة وحقها علي، ولعلك تتساءل قائلا: ما بال هذا المصري يتحدث عن أدب الحجاز، ويحاول أن يضع تاريخا لنهضته، مع أنه بعيد عن هذه الديار وعن أدبائها؟» وقال: إنه أقام بها وتعرف على بعض أدبائها وأحبهم وأحبوه.. فلما عاد إلى وطنه وتذكره هذه الذكريات السعيدة والعهد الجميل، رأى من باب الوفاء أن يتحدث عن هؤلاء الأصدقاء الأدباء وإخوانهم.. بدأ بمقدمة عن بدايات النهضة في الشرق العربي الشام ومصر، أما الحجاز والتعليم فقد ظل محصورا في الكتاتيب التي تعلم القرآن وبعض المدارس الابتدائية والحرمين الشريفين، وفيها تدرس العلوم الدينية واللغوية، أما بالنسبة للوظائف الكبرى التي استأثر بها الأتراك، وتركوا لأبناء الحجاز الوظائف الأقل منزلة بل وحاربوا اللغة العربية بفرضهم اللغة التركية وجعلوها السبيل إلى الوظائف والطريق إلى التعليم. أما في العهد السعودي فقد بدأت العناية بالقومية العربية، وانتعش الأدب وبدأ بنشر القصائد والمقالات وذكر من أوائلهم: الغزاوي والعطار والقنديل وبلخير، وبعد أن استشهد بما قاله الدكتور محمد حسين هيكل عن تأثير القومية العربية في النشاطات الفكرية في الحجاز قال: «ولا شك أن الحجازي خليق ببلوغ هذه الغاية التي يسعى إليها لأنه جلد صبور، قد أوحت إليه الحياة الخشنة في الصحراء كثيرا من أخلاق الصرامة والثبات والعمل المتلاحق الذي لا يدركه فتور ولا كلل..». وقال إن هذا الاتجاه القومي العربي قد أفاد اللغة والأدب أجل الفوائد. فأنشئت المدارس وانتشر التعليم وبدأت البعثات الدراسية إلى مصر وغيرها. وقال: إن الكتب التي يطلع عليها الحجازيون كثيرة ومتنوعة، وأن عنايتهم بالكتب الحديثة تفوق عنايتهم بالكتب القديمة. وأنهم تأثروا بما يصدر في مصر والشام والعراق وأمريكا (شعراء المهجر). واستشهد بما كتبه محمد حسن عواد في (خواطر مصرحة) من الحاجة إلى اللغة الإنجليزية، فهي لغة السياسة، لغة الأدب، لغة الاختراع، ونقل الثقافات الأجنبية إلى العربية. وقد أفرد للشعر الفصل الرابع، وذكر نماذج من الشعر الحديث، فمنهم أحمد عبدالغفور عطار الذي عده من المحدثين المجددين. أما الشعراء المتمهلون، فذكر منهم الغزاوي والعربي وبلخير، كما ذكر نماذج من شعر محمد سرور الصبان وعمر عرب والعواد وحسن فقي وطاهر زمخشري وعزيز ضياء وعبدالوهاب آشي وعبدالعزيز الرفاعي وحسين سرحان وهاشم الفلالي وحسين عرب وحمزة شحاتة. كما ترجم لأحمد إبراهيم الغزاوي ومحمد سرور الصبان. وخصص الفصل الخامس للنثر مستشهدا بنماذج مما كتبه محمد حسن عواد وعبدالله عريف، وأحمد جمال، وعزيز ضياء، وحسين خزندار، ومحمد سعيد العامودي، وعبدالسلام عمر، وأحمد العربي، وعلي حافظ، ومحمد حسين زيدان، وأمين عقيل، وقال: «أما أحمد السباعي وهو أثبت الناثرين قدما في الحجاز وأقواهم قلما، فإنه يتبع المنهاجين ويسير على الطريقتين المتئدة والمجددة فتارة يكتب كما يكتب أدباء مصر، وأخرى يسير كما يسير أدباء المهجر في عرض الموضوع وطريقة الأسلوب، ومثله الشيخ محمد سرور الصبان والعامودي..». واختتم الكتاب بالصحافة ودورها الثقافي، وقال: «الصحف التي تصدر وقتها (صوت الحجاز وأم القرى والمدينة المنورة) ومجلة (المنهل)، وقد توقفت الصحف أثناء الحرب العالمية الثانية، فصدر بعدها (البلاد السعودية) وأشاد برئيس تحريرها عبدالله العريف. وقال إنه ينقصها وجود مراسلين في الخارج وتوفر المال لتسمو إلى المنزلة المرجوة لها. وأن أهم ما تعنى به الصحف الحجازية النواحي الاجتماعية والأدبية والأخبار المحلية». [email protected]