يبدو أن استسهال تعطيل حقوق عمال النظافة والمماطلة في تسليمهم رواتبهم لا يتوقف عند حد الرجال منهم، فالمساواة بين الرجال والنساء عند شركات النظافة والشركات المشغلة لبعض المؤسسات اقتضت إشراك عاملات النظافة في هذا التعطيل والمماطلة في تسليمهن رواتبهن، وكما يفيض الكيل بعمال النظافة فيتوقفوا عن العمل، يفيض الكيل كذلك بالعاملات فيتوقفن هن بدورهن عن العمل، وعندها فقط تتنبه الجهات المسؤولة عن تلك الشركات فتسعى إلى حل المشكلة، وهو حل لا يتجاوز في مجمله إقناع العاملين والعاملات بالعودة إلى العمل، وترجي الشركات أن تصرف لهؤلاء العاملين والعاملات رواتبهم المعطلة، تتحرك الجهات المسؤولة بعد أن تكون رائحة النفايات التي تكدست قد فاحت ولم يعد بالإمكان احتمالها كما كانت محتملة من قبل رائحة الفساد الذي يسلب هذه العمالة المستضعفة أبسط حقوقها ويعطل تسليمها أجورها. آخر أخبار هذا الفساد ما حدث في مركز تأهيل المعاقين الشامل في مكةالمكرمة، حين توقفت 86 عاملة من عاملات النظافة في هذا المركز عن العمل، بعد أن حرمتهن الشركة المتعهدة من استلام رواتبهن، مما أوقع موظفات المركز في حرج العناية بمائة نزيلة بحاجة لمن يهتم بهن ويعنى بنظافتهن. والذي لا شك فيه أن عاملات النظافة في مركز التأهيل لم يقررن فجأة التوقف عن العمل، وإنما سبقت ذلك مطالبات بحقوقهن المستحقة ورواتبهن التي لم يكن يشككن للحظة أنها سوف تتعطل في بلد تؤكد الشريعة المعمول بها فيه على إعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، والأجيرات والأجيرون من عمال النظافة قبلهم جف عرقهم مائة مرة ولم يعط أحد منهم حقه، وجف بعده عرق التعب في الجري للحصول على هذا الحق. تتعطل حقوق هذه الفئة المستضعفة، ثم لا يسمع أحد لشكوى العاملين والعاملات فيها، فالشركات المشغلة لهم ولهن تظن أنهم عمال وعاملات بالسخرة، والجهات المسؤولة عن القطاعات التي تعاقدت مع تلك الشركات نفضت يدها من المسؤولية قبل أن يجف حبر التعاقد مع تلك الشركات، حتى إذا ما وقعت الواقعة، وتوقف عمال وعاملات النظافة، تراكض المسؤولون وجل ما يتوصلون إليه إقناع العمال والعاملات بالعمل، ومحاولة إقناع الشركات بتسليمهم رواتبهم، ثم العودة إلى قواعدهم سالمين، تاركين واحدا منهم ينبري لأجهزة الإعلام مؤكدا أنه تمت السيطرة على الوضع وحل المشكلة!!.