تأجير جزء من مركز الكلى الجديد الذي يتبع مستشفى الملك فهد في جدة على إحدى الشركات الأجنبية أثار دهشة واستغراب مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل عبدالرحيم شاهين. الدهشة نبعت كون الشركة الأجنبية تقدم الخدمات المشتراة للترشيح الدموي لمرضى الفشل الكلوي. يقول الدكتور شاهين في حوار مع «عكاظ»: نعم رفضنا في المركز بعض الأشخاص الذين تقدموا للتبرع بإحدى الكليتين أو جزء من الكبد وتم تحويلهم لمراكز الزارعة المختلفة، وعند مقابلة لجنة تقييم المتبرعين لهم تم رفض البعض منهم لعدة أسباب منها الابتزاز المالي. ويضيف: إن زراعة الكلى في الخارج أصبحت مقفلة تماما بعد إعلان اسطنبول لمنظمة الصحة العالمية، ناصحا مرضى الكلى بعدم السفر حيث تجري العمليات بشروط غير صحيحة مع التأكيد على أهمية الاكتفاء الذاتي بتأمين متبرع قريب أو غير قريب وفق ضوابط محددة. للأسف.. كل المؤشرات الصحية في بلادنا بشأن إصابات الكلى لا تبشر بخير، ما أسباب تزايد المرضى؟ وأين يكمن الخلل؟ نعم هذا صحيح.. هناك تزايد ملحوظ في مرضى الفشل الكلوي لعدة عوامل أهمها ازدياد عدد السكان وتحسن الخدمة الطبية في الكشف المبكر عن الأمراض، ولقد قارنا الزيادة مع الإحصائيات العالمية للدول المتطورة ووجدناها متقاربة، إذ إن تزايد المصابين بالفشل الكلوي ظاهرة عالمية لا تخص بلدا دون آخر، والتزايد في أعداد المرضى يختلف من بلد لآخر استنادا لمتوسط عمر السكان ونسبة الإصابة بالداء السكري وارتفاع ضغط الدم اللذين يشكلان السبب الرئيسي للإصابة بالفشل. كما أن التكلفة العالية للغسيل الكلوي للمريض الواحد ما زالت قريبة لما كانت عليه منذ عشرة سنوات مضت وذلك لانخفاض أسعار الأجهزة والمواد المستهلكة على خلفية التنافس الكبير بين الشركات العاملة في هذا المجال. وتدفع الحكومة مبلغ يقارب ال800 مليون ريال سنويا لتوفير الخدمة لأكثر من 16 ألف مريض ما بين ترشيح دموي وترشيح بريتوني. واستنادا إلى إحصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء فيما يخص مرضى الفشل الكلوي المعالجين بالتنقية الدموية خلال العشرة أعوام السابقة، نلاحظ وجود معدل وسطي لزيادة صافية في أعداد المرضى (بعد استبعاد المرضى الذين أجريت لهم زراعة كلية والوفيات)، تعادل 500 مريض سنويا بنسبة زيادة سنوية تساوي 4 % كل عام، وإذا أخذنا بعين الاعتبار النمو السكاني (2.2 %) وعدد الزراعات سنويا ونسب حدوث الفشل الكلوي النهائي (حوالي 127 مريضا لكل مليون نسمة سنويا)، فمن المتوقع أن يتجاوز عدد المرضى المعالجين بالتنقية الدموية ال20 ألفا بحلول العام 2018م وهذا الأمر مماثل ويتماشى مع الدراسات العالمية، حيث أوضحت بيانات الشبكة المتحدة لتبادل الأعضاء في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الزيادة الكبيرة في عدد المرضى المعالجين بالتنقية الدموية في أمريكا، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد مرضى العلاج الكلوي المعاوض في أمريكا إلى 800 ألف مريض في عام 2015م، كذلك الأمر بالنسبة للمرضى المعالجين في أوروبا والذين سوف يتجاوزون ال600 في عام 2015م. قلة أسرة الغسيل ومع هذا التزايد هناك شكاوى مستمرة من المرضى مع مراكز الغسيل سواء في قلة الأسرة أو طول المواعيد، هل يطمح المرضى إلى وعد لإنهاء هذه الإشكالية؟ مشكلة نقص الأسرة ومراكز الكلى إلى زوال الآن بعد مشاركة عدة جهات في تقديم الخدمة للمرضى مثل: مشروع مؤسسة خادم الحرمين الشريفين العالمية للأعمال الإنسانية لرعاية مرضى الكلى من خلال تأمين خدمات الغسيل الكلوي في كافة المناطق، ألف جهاز لعلاج خمسة آلاف مريض على مدى 7 سنوات. ويتضمن المشروع ثلاث مراحل، الأولى تشغيل المشروع في الرياضوجدة بعدد 475 جهاز غسيل كلوي، والثانية خصص لها عدد 230 جهازا لخدمة منطقة مكةالمكرمة، المدينةالمنورة، حائل، القصيم، ورفحاء، ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة بعدد 295 جهازا لخدمة باقي مدن المملكة، وبدأ بالفعل العمل الآن في كل من مدينة الرياضوجدة. إلى جانب ذلك هناك مشروع وزارة الصحة الجديد لتأمين علاج مرضى الغسيل الكلوي في الوزارة عن طريق برنامج شراء خدمة الغسيل الكلوي من شركات أجنبية خاصة تتولى الإشراف التام والمباشر على كل مراكز الكلى التابعة لوزارة الصحة بكافة مناطق المملكة متضمنة كافة الخدمات الإدارية والطبية والأجهزة والمستهلكات والأدوية وأيضا تطوير وإنشاء مراكز علاجية جديدة تنفذ على فترة 5 سنوات بثلاث مراحل متتالية يبلغ فيها عدد المرضى المحولين للشركات في المرحلة الأولى 5445 مريضا، وفي المرحلة الثانية 2340 مريضا، وفي الثالثة 2007 مرضى، بإجمالي عدد 9792 مريضا، فيما يبلغ عدد المراكز التي سيتم إنشاؤها عن طريق الشركات 32 مركزا في المرحلة الأولى، و16 مركزا في المرحلة الثانية، و26 مركزا في الثالثة، بإجمالي عدد 74 مركزا، فيما يبلغ عدد المراكز التي يتم استئجارها من المراكز القائمة بالوزارة 17 مركزا في المرحلة الأولى، و10 مراكز في المرحلة الثانية، و66 مركزا في المرحلة الثالثة بإجمالي عدد 93 مركزا. كما توجد خدمات مرضى الفشل الكلوي في جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا)، وفي وزارة الصحة، والخدمات الطبية للقوات المسلحة، الحرس الوطني، المستشفيات التخصصية، قوى الأمن العام، إضافة إلى الخدمات المقدمة في القطاع الخاص. وعلى الرغم من كل تلك الجهود لا زلنا في حاجة ماسة لمن ينظم عمل تلك القطاعات مجتمعة حتى نتمكن من ضمان تقديم الخدمة المتميزة لهؤلاء المرضى. رفضنا بعض المتبرعين يتردد أن المركز رفض بعض المتقدمين للتبرع بالأعضاء من غير الأقارب، ما أسباب الرفض؟ نعم رفضنا بعض الأشخاص الذين تقدموا للتبرع بإحدى الكليتين أو جزء من الكبد وتم تحويلهم لمراكز الزارعة المختلفة، وعند مقابلة لجنة تقييم المتبرعين تم رفض البعض منهم لعدة أسباب منها الابتزاز المالي، عدم صلاحيتهم للتبرع، لذا أؤكد أن موضوع اختيار المتبرعين من غير الأقارب يمر بسلسلة من الإجراءات إلى أن تتم الموافقة عليهم. دور القطاع الخاص دور القطاع الخاص في تبني إنشاء مراكز خيرية لمواجهة الضغط الذي تشهده المستشفيات العامة يدور حوله حديث طويل، ما تعليقكم؟ القطاع الخاص له دور هام في مساندة الخدمة العلاجية ومشهود للعديد من الجمعيات الخيرية وخاصة بالمنطقة الغربية في مدينتي جدةومكة، حيث تساهم في تخفيف الضغط على القطاع الحكومي ومساندته، ولعلها فرصة للإشادة بالدور الهام لجمعية الأمير فهد بن سلمان لرعاية مرضى الفشل الكلوي، حيث أصبحت طاقتها أكثر من 200 جهاز غسيل. مركز الكلى الجديد يلاحظ أن المرضى الذين يعالجون في مركز الكلى القديم لا يستفيدون حتى الآن من خدمات مركز الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز الجديد لأمراض الكلى في مستشفى الملك فهد العام، ما رأيكم؟ فكرة مركز الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز لأمراض الكلى نشأت منذ عدة سنوات كبديل لمركز الكلى الحالي والذي مضى على إنشائه أكثر من 25 عاما، وكانت الفكرة قد بدأت باجتماع مع وزير الصحة الأسبق الدكتور حمد المانع، للنظر في أولويات التغيير في مستشفى الملك فهد وكانت من أهمها نقل خدمات مركز الكلى الحالي إلى موقع جديد، تم نقل الفكرة إلى جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) لتبنيها بالتعاون مع الدائرة الاقتصادية والاجتماعية في إمارة منطقة مكةالمكرمة، وكونت لجنة وجمعت التبرعات وبدأ إنشاء المبنى، وبالفعل انتهت المرحلة الأولى وأكملت من قبل وزارة الصحة، ولكن للأسف لم يستغل بالشكل المطلوب والهدف الذي أنشئ من أجله، فقد تم تأجير جزء منه إلى إحدى الشركات الأجنبية التي تقدم الخدمات المشتراة للترشيح الدموي. فكيف تشترى خدمة علاجية لمرضى الفشل الكلوي في داخل مستشفى حكومي، والمساحة الأكبر متنازع عليها ما بين إدارة المستشفى والمطالبات بمكاتب إدارية من قبل اللجنة الإشرافية، رغم الحاجة الملحة والهامة لنقل خدمات مركز الكلى القديم إليه. برنامج وطني للمكافحة هل نحن بالفعل في حاجة إلى استراتيجية أو برنامج وطني لمكافحة أمراض الكلى؟ بالتأكيد.. وهي موجودة وتوجد إحصائيات عالمية لمنظمة الصحة العالمية WHO، أن أمراض الكلى المزمنة والقلب والشرايين سوف تسبب الوفاة ل35 مليون شخص في العالم بحلول عام 2015م، لذلك تسعى جميع الهيئات الصحية في المملكة في خطوات وقائية هامة إلى تقليص المضاعفات الطبية التالية وكشفها ومحاربتها، ومن أهمها الحوادث الوعائية الدماغية، أمراض شرايين القلب، مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، البدانة والتدخين، الأشخاص فوق عمر 50 عاما وضرورة برنامج فحوص دورية وقائية لهم، الأشخاص الذين لديهم أمراض كلى وقصة عائلية لداء السكري وارتفاع ضغط الدم. لذلك من المهم المتابعة الدورية للمصابين بداء السكري. ومن أهم الإجراءات الوقائية التي نضعها ضمن الاستراتيجية الوقائية من الداء الكلوي والقلبي الوعائي، ضبط ضغط الدم، ضبط مستوى سكر الدم والكولسترول والشحوم وتصحيح فقر الدم، إيقاف التدخين، اتباع نشاط فيزيائي وممارسة الرياضة، ضبط معدل وزن الجسم، ولدينا دليل هام على تحسن الخدمات الصحية المقدمة لمرضى القصور الكلوي ضمن الاستراتيجية الموضوعة وهي إحصائية وطنية هامة أجريناها في المركز السعودي لزراعة الأعضاء لكافة القطاعات العمرية للمرضى الذين يجري لهم غسيل كلوي في المملكة عبر السنوات العشر الأخيرة، فوجدنا تناقصا في أعداد مرضى الفشل الكلوي النهائي من الفئة العمرية للأطفال وهذا دليل تحسن الرعاية الصحية والوقاية من الفشل الكلوي للأطفال، وتناقص عدد المرضى المجرى لهم غسيل كلوي في عام 2010م عن عام 1996م لمجمل الفئات العمرية من أطفال وشباب ويافعين حتى عمر 45 سنة بنسبة تزيد عن النصف 55 %، آخذين بالحسبان نسبه ازدياد عدد السكان، وهذا دليل على تحسن سبل الوقاية والعلاج في ال15سنة الأخيرة. أما بالنسبة للفئات العمرية من 46 - 75 سنة فلوحظ تزايد واضح في عدد المرضى الموضوعين على الغسيل الكلوي في عام 2010م مقارنة بعام 1996م خصوصا لدى الفئة العمرية فوق 65 سنة وهذا يدل على تحسن الرعاية الصحية وازدياد وتحسن نسبة البقاء على قيد الحياة ودخولهم في برامج العلاج الكلوي المعاوض، ترافق ذلك زيادة الخدمات الطبية المقدمة ضمن استراتيجية وطنية هدفت إلى توفير أجهزة غسيل كلوي متطورة لجميع المرضى وعلاج مضاعفات المرض بشكل فعال. السفر للخارج هناك بعض المرضى يسافرون للزراعة في الخارج رغم تحذيرات المركز ويتعرضون للنصب، ما تعليقكم؟ زراعة الكلى في الخارج أصبحت مقفلة تماما خصوصا بعد إعلان اسطنبول لمنظمة الصحة العالمية، وننصح بعدم السفر حيث تجري العمليات بشروط غير صحيحة ونؤكد مجددا على أهمية الاكتفاء الذاتي في تأمين متبرع قريب أو غير قريب وفق ضوابط موضوعة وضمن سعي المركز الحثيث لزيادة حالات التبرع خصوصا من المتوفين دماغيا. ونعمل حاليا على تحسين عدد ونسبة الأعضاء المزروعة لإنقاذ العدد الأكبر من المرضى من خلال تنشيط التبرع سواء من المتوفين دماغيا أو من الأحياء استنادا لما توصلت إليه اللجنة الوطنية لزراعة الكلى وجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي وقرار مجلس الوزراء بخصوص الموافقة على ممارسة التبرع بالأعضاء من الأحياء غير الأقارب ضمن ضوابط ولوائح تنظيمية تمنع الممارسة التجارية وتحمي حقوق المرضى والمتبرعين وتحد من سفر العديد من المرضى للخارج ووقوعهم تحت الممارسة التجارية لزراعة الكلى أو الكبد لتجنب العديد من المضاعفات الطبية التي قد تنتج من خلال تلك الممارسة. مركز الكلى القديم.. ربع قرن من الخدمة منذ 25 عاما ومركز الكلى القائم حاليا في مستشفى الملك فهد يخدم مرضى الفشل الكلوي، فكرته كانت تعتمد على استمراره لمدة 5 سنوات حتى يتم إنشاء مركز آخر، ومع ضغط المرضى وعدم وجود البديل استمر المركز في عمله طوال هذه السنوات بطاقة استيعابية 64 سريرا لأجهزة الغسيل الدموي تعمل على مدار ال24 ساعة. أما مركز الأمير عبدالمجيد الجديد للكلى الجديد فيستوعب 800 مريض بسعة 140 سريرا على 3 طوابق وبمساحة إجمالية 2300 متر مربع، ويضم 140 جهاز غسيل كلوي يقدم خدماته العلاجية والاجتماعية والتوعوية لمرضى الفشل الكلوي النهائي. ومقر المركز يقع في مستشفى الملك فهد العام في المساعدية وسيعمل فيه 17 استشاري أمراض كلى و34 طبيبا مقيما وأخصائيا و280 ممرضا وممرضة، مع 16 عيادة متخصصة لجميع أمراض الكلى مصممة لاستقبال المرضى يوميا. علامات استفهام المرضى: أعيدوا النظر «صحتنا» أحق بالمشروع استغرب مرضى الفشل الذين يتابعون علاجهم في مركز الكلى عن تأخر انتقال المركز بأكمله بمرضاه جميعا إلى مركز الأمير عبدالمجيد (رحمه الله) المخصص لمرضى الكلى ضمن منظومة مستشفى الملك فهد العام بجدة. وقال كل من سامي عبدالله، علي أحمد، نورة الغامدي، أم خالد وأم عادل: منذ سنوات ننتظر الانتقال إلى مركز الأمير عبدالمجيد في الوقت الذي تم فيه اختيار بعض المرضى وعلاجهم في داخل المركز بواسطة شراء الخدمة من شركة اجنبية مشغلة للمشروع، كنا نتمنى أن يكون المشروع بديلا لمركز الكلى الجديد ويتبع للصحة دون أن يتم تشغيله بواسطة شركة خارجية، وهذا الأمر قد لا يخدم جميع المرضى. واضاف المرضى المتحدثون «تكررت وعود المسؤولين في فترة سابقة بالانتقال إلى المبنى الجديد لأن القديم لم يعد يمنحنا الخصوصية والارتياح، كما يشهد بقسميه الرجالي والنسائي ضغطا كبيرا في عدد المراجعين الراغبين في اجراء الغسل الدموي، كما أن قلة اسرة الغسل الدموي لم تعد تساعد المرضى في اختيار مواعيد تناسب ظروفهم، وبالتالي يضطرون إلى الحضور حسب ما يحدده المركز، مع أن الغالبية العظمى من المرضى كبار في السن ويعولون أسرا». وخلصوا إلى القول «نتمنى أن تعيد الصحة النظر في المشروع وخصوصا أنه انطلق ببادرة خيرية وتبرع رجال اعمال الا أنه تعثر كثيرا والآن تشغله جزئيا شركة خاصة لفئة محددة من المرضى».