نعم حادث الأحساء كبير.. فهو حادث يستوفي جميع أركان الجريمة؛ فليس له علاقة بدين، إذ أنه تحت تعاليم أي دين سيكون جريمة. كما أنه ليس له علاقة بمذهب وبالتحديد ليس له علاقة بالسنة والشيعة، فالفاعلون مجرمون والضحايا هم ضحايا هذا الإجرام. بل إن مثل هذه الجريمة سوف تستنكر سواء وقعت من السني على السني أو من الشيعي على الشيعي وليس أدل على ذلك من استنكار هيئة كبار العلماء الشديد للحادث الذي وصفته بالإجرامي. جريمة الأحساء ليس لها علاقة بالجنسية فهي مستنكرة سواء وقعت على المواطن أو غير المواطن في أي بلد كان. جريمة الأحساء تتعدى حتى حدود الإنسان فلو وقعت على كائن حي أو حتى على جماد بهذا الأسلوب لتم استنكارها. إذن نحن أمام حادث بل جريمة مستنكرة بأي شكل من الأشكال.. لكن ما يجعلها جريمة تخصنا في هذا المجتمع أنها وقعت على أبنائه من بعض أبنائه وعلى وطنه الذي كأن لسان حاله يقول: «إنني قاتلة مقتولة». هذه الجريمة كما يقولون في إدارة الأزمات بقدر ما تمثل أزمة إلا أنها تمثل لنا فرصة أخرى للبرهان على ثقتنا في الله ثم في حكومتنا ثم في أمننا. الفارق بين توقيت الجريمة وتوقيت القبض على من لهم علاقة بالجريمة الإرهابية فارق زمني ضئيل بكل المقاييس. لقد حقق إنجاز رجل الأمن السعودي في هذه الحادثة ردود فعل إيجابية بين كافة أطياف المجتمع. كما شعر الجميع بالفخر والاعتزاز بحكومتهم وأمنهم ومواطنيهم الذين يساندون جهود دولتهم المتواصلة في استتباب الأمن وإثبات ألا تفريط في هذا المكتسب، الذي أقصد به الأمن، مهما كانت الظروف والأهداف. لكن في ظل هذا الحدث يجب أن ننبه إلى شيء مهم جدا.. وهو أننا يجب أن نسمو جميعا فوق المزايدات والمناكفات التي لا تؤدي إلا إلى مثل هذه الأحداث الإجرامية. فالذين سوف يسرعون إلى ربط هذا الحدث بالدين إنما هم يحاولون أن يستغلوا الحادثة لشأن في أنفسهم لا علاقة له بالدين وإنما هم يريدون أن يثيروا أطرافا أخرى في المجتمع لاستجلاب ردود فعل تبعد الجميع عن التركيز على الحادثة. أما الذين سوف يربطون الحادثة بالمذهبية فهم لا ينظرون إلى أبعد من موضع أقدامهم؛ فالحادثة من الممكن أن تحدث داخل أبناء المذهب الواحد ومن الممكن أن تحدث داخل القبيلة الواحدة والأسرة الواحدة وبالتالي فربطها بالمذهب هو ربط شيطاني حتى لو بدا ذلك من المؤشرات الأولى للحادثة. أما الذين يحاولون الذهاب بعيدا ويربطون الحادثة بعوامل أمنية فهم يحاولون أن يستجمعوا كل ما يمكن من أحداث لإثبات نواياهم السيئة المضادة أصلا لثوابتنا الدينية والسياسية وإنجازاتنا الأمنية والإنسانية. الحادثة.. حادثة الأحساء بكل اختصار حادثة كبيرة لكن ثقتنا في الله ثم في حكومتنا وأمننا تجعلنا نشعر بالأمن والاعتزاز والثقة بأننا قادرون على إدارة هذا الحدث وغيره من الأحداث صغر أم كبر.. وليبقى المفسرون والمغرضون والمزايدون هم وشأنهم ولن يغيروا من المعطيات الحقيقية الدينية والفكرية والسياسية والأمنية والإنسانية المتميزة في هذا المجتمع أي شيء.. عزاؤنا للجميع وباسم الجميع فهو حادث الجميع وليس حادث الأحساء وحدها بل هو حادث الوطن. (*) عضو مجلس الشورى