(يوغا) و( الأسوار) و (الغرق) و (الحصار) .. إلخ ماهي – في الحقيقة – إلا عناوين جزئية للمجموعة القصصية الموسومة ب(لحظات معه) للكاتبة/ فوزية الجار الله الصادرة حديثا عام1435ه عن (دار المفردات) للنشر والتوزيع بالرياض. وتأتي هذه العناوين الفرعية التي تضمنتها المجموعة في السياق العام للغة الكاتبة التي جاءت ملبدة في كثير من جوانبها بالشعور بالكآبة والغربة والعزلة والقلق والتوتر والأرق والتوجس، حتى بدا للقارئ وكأن هذه المفردات وما يوازيها قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية المعاشة، ليست بالنسبة للكاتبة ومحيطها البيئي أو الاجتماعي وشخوصه فحسب، وإنما يشمل ذلك أيضا نسبة كبيرة من الناس في العصر الحديث، الذي اختلط فيه الضجيج الخارجي للتكنولوجيا الحديثة بالضجيج الداخلي لإنسان العصر الحالي الذي نعيشه، وما يعتمل في ذهنه ومخيلته ومشاعره وأحاسيسه من شعور أو رغبة في العزلة، أو النفور من محيطه الذي طغى من خلاله صوت الآلة الصناعية المنتجة على صوت الإنسان في الوقت الراهن، ولتكون بديلا عنه، بحيث يظل الإنسان صامتا، واجما، منطويا على نفسه في كثير من الأحيان، وليبقى الكلام والحديث للآلة وحدها، لكون لغتها قد أصبحت هي اللغة الفاعلة في نموه وتطوره صناعيا - في الوقت ذاته – الذي يتراجع من خلاله اهتمام الإنسان بنفسه وبمشاعره وبمحيطه من الناس – لغويا – على الأقل!! إن (فوزية الجار الله) من خلال مجموعتها هذه قد حاولت ألا تكون نموذجا من تلك النماذج الإنسانية المعنية – وحدها – بالعزلة عن مجتمعها قدر المستطاع على الرغم من اصطباغ رؤيتها بنظرة متشائمة، فاترة، قاتمة تجاه الحياة التي تعيشها بشكل عام، وعلى مستويات عدة: إنسانية واجتماعية ونفسية. ومثل هذا نلاحظه – بسهوله – في مجموعتها، ابتداء من غلافها الخارجي الذي تشغله لوحة تشكيلية يغمرها لون دموي حار، ينبض بألم إنساني دفين، وتظهر فيها امرأة تسند ظهرها الى كرسي على شاطئ البحر، حيث يلتقي الماء والسماء، مسترخية بعيدا عمن حولها، وانتهاء بآخر ما تريد أن تقوله لنا – كقراء – في (لحظات معه) كآخر أنة ألم ألقتها الكاتبة في مشاعرنا , قبيل وصول آخر حروف كلماتها إلينا , لنجد أنفسنا – في نهاية الأمر- وكأننا بقينا وحدنا خارج تلك (اللحظات) التي خلت فيها الكاتبة لنفسها دون أن نعلم حتى بعد نهاية القصة هل كنا نحن – كقراء – جزءاً من تلك اللحظات؟! ام أن كاتبتها قد استأثرت بها وحدها بمعزل تام عن غيرها؟!