استقر سعر خام برنت قرب مناطق سعرية تقترب من 86 دولارا للبرميل أمس متمسكا بمكاسبه التي صعدت به من أدنى مستوياته في 4 سنوات الأسبوع الماضي بفعل أنباء عن توقف الإنتاج في حقل سعودي كويتي. وتوقف الإنتاج مؤقتا من حقل الخفجي المشترك بين السعودية والكويت لأسباب بيئية إذ ينتج الحقل من 280 ألفا إلى 300 ألف برميل يوميا، وهو ما يزيد قليلا على 2 في المئة من إجمالي طاقة الإنتاج في المملكة. ومن المستبعد أن يؤثر هذا الإغلاق المؤقت على إمدادات النفط من السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم نظرا لتمتع المملكة بفائض كبير في الطاقة الإنتاجية. لكن بعض المتعاملين اعتبروا تلك الأنباء عاملا إيجابيا في الوقت الذي يتجاوز فيه الإنتاج الطلب أي قبل اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» في 27 نوفمبر لبحث سياسة الإنتاج. ونزل خام برنت 10 سنتات إلى 86.06 دولار للبرميل بعدما صعد 2 في المئة يوم الجمعة محققا أكبر مكاسبه فيما يزيد على شهر، وزاد الخام الأمريكي 20 سنتا إلى 82.95 دولار للبرميل.وفي الأسبوع الماضي دفعت إمدادات النفط العالمية الوفيرة وآفاق اقتصادية قاتمة في أوروبا والصين خام برنت للتراجع إلى أدنى مستوياته منذ 2010 مسجلا خسائر تزيد على 25 في المئة منذ يونيو /حزيران ليخفض خبراء الطاقة توقعات نمو الطلب العالمي على الخام في العام المقبل مع ضعف الآفاق الاقتصادية العالمية. من جانبهم توقع تجار أمس أن يؤدي توقف الإنتاج في حقل الخفجي الذي تديره السعودية والكويت إلى تقليص الإمدادات للمشترين الآسيويين خاصة مصافي اليابان وكوريا الجنوبية وهو ما قد يدفعها للجوء إلى السوق الفورية في الشرق الأوسط. وقالوا: إنه من المتوقع أن تقدم السعودية خامات أخرى للمشترين بموجب عقود آجلة لكن مؤسسة البترول الكويتية ليس لديها فائض تعرضه على المشترين، ولم يتسن بعد الحصول على تعقيب من المؤسسة. وذكروا أن العملاء قد يلجأون إلى السوق الفورية لشراء خامات مماثلة بديلة؛ وهو ما قد يسهم في رفع فروق الأسعار الفورية لخامات مثل الخام العربي المتوسط السعودي «بانوكو»؛ وفي الأسبوع الماضي ذكر تجار أنه جرى تداول شحنتين من الخام العربي المتوسط تحميل ديسمبر بسعر يقل 5 سنتات عن سعر البيع الرسمي. على صعيد آخر أظهرت بيانات رسمية أمس أن صادرات السعودية من النفط الخام نزلت في أغسطس إلى الشهر الرابع على التوالي مسجلة أقل مستوى في 3 أعوام خلال وقت تسعى فيه أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم للحفاظ على حصتها في السوق وسط ضعف في الطلب وتخمة في الامدادات من منتجين منافسين. وبحسب بيانات المبادرة المشتركة للبيانات النفطية فقد صدرت السعودية 6.663 مليون برميل يوميا في اغسطس انخفاضا من 6.989 مليون برميل يوميا في يوليو، وبذلك المعدل تلك الصادرات هي الأقل منذ مارس 2011 وجاءت مقابل 7.795 مليون برميل يوميا قبل عام و6.946 مليون برميل يوميا في يونيو و6.987 مليون برميل يوميا في مايو. وأطلع مسؤولون سعوديون المتعاملين في أسواق النفط في نيويورك الأسبوع الماضي على التحول في سياسة المملكة؛ موضحين لأول مرة استعدادهم لقبول انخفاض الأسعار لفترة حتى إلى 80 دولارا للبرميل، وخفضت السعودية بالفعل أسعار بيع خامها لتحافط على عملاء في آسيا. وذهب جزء كبير من انتاج الخام السعودي للسوق المحلية في اغسطس / آب لتوليد الكهرباء التي تحتاجها المملكة في فصل الصيف شديد الحرارة، كما دشنت المملكة مصفاتين لإضافة طاقة لتكرير الخام بواقع 800 ألف برميل يوميا. وكررت المصافي السعودية 2.167 مليون برميل من الخام يوميا في اغسطس ارتفاعا من 1.915 مليون برميل يوميا في يوليو و1.551 مليون في اغسطس 2013 وفق بيانات جودي. وبلغ استهلاك النفط لتوليد الكهرباء 769 الف برميل يوميا في اغسطس انخفاضا من 899 الفا في يوليو ودون تغيير يذكر عنه قبل عام، في حين تقول مصادر في السعودية انه لا توجد علاقة بين الاستهلاك المحلي والصادرات نظرا لوجود طاقة إنتاج فائضة كبيرة في المملكة. وبوسع الرياض رفع الإنتاج بيسر، وكان سجل 9.6 مليون برميل يوميا في اغسطس، كما يمكنها السحب من المخزون لتغطية أي زيادة في الطلب المحلي والحفاظ على مستوى الصادرات. وقال محللون: إن خفض الكميات التي تستهلك لتوليد الكهرباء محليا قد يتيح كميات أكبر للتصدير في الأشهر المقبلة. يشار إلى أن مصفاة «ساتورب» في الجبيل بلغت طاقتها 400 ألف برميل كأقصى طاقة إنتاج في منتصف العام الجاري في حين بدأ التشغيل التجريبي لمصفاة أخرى في ينبع بنفس الطاقة في الشهر الماضي. وتوقعت مصادر في الصناعة استقرار إنتاج النفط السعودي في الفترة المتبقية من العام؛ بينما يقدر مراقبون للقطاع أن تبلغ صادرات السعودية بين 6.9 مليون و7.1 مليون برميل يوميا حتى شهر ديسمبر. وأفاد سداد الحسيني المسؤول التنفيذي السابق في «أرامكو» أن بعض التغييرات ستطرأ على الإنتاج السعودي ما أن تنتهي ذروة الطلب في فصل الصيف لكنه أوضح أنه لا علاقة لذلك بالصادرات، مبديا اعتقاده بأن الصادرات ستظل حول سبعة ملايين برميل يوميا.