إصرار الشعب الفلسطيني على عدم التفريط في حقوقه المشروعة واستعداد قيادته للدخول في عملية السلام أفقد إسرائيل تعاطف الشعوب المحبة للسلام، فارتفعت الأصوات المطالبة بإنصاف هذا الشعب وإيقاف ما يتعرض له من تنكيل وتعذيب وملاحقة تتجاوز الأعراف والقوانين. والأصوات التي انطلقت من مجلس العموم البريطاني، رغم رمزيتها، تشكل خطوة مهمة لتوسيع دائرة المتعاطفين والمؤيدين. وهذا ما يعطي التحرك الفلسطيني هذه الأيام أهمية خاصة، فاتجاه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن في هذا التوقيت للمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خطوة مهمة من المتوقع أن تقود إلى تحريك القضية في الهيئات الدولية وفتح الباب أمام الفلسطينيين لتشكيل مجموعة ضاغطة، خصوصا إذا طالبت بانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية وعضوية محكمة الجنايات الدولية. ومن الطبيعي أن يواجه هذا التحرك بالمقاومة من إسرائيل وحلفائها الذين ما زالوا يوفرون لها الغطاء والحماية من العقوبات، ولهذا فإن المرحلة تقتضي خطة واضحة الأهداف والغايات ومحددة الوسائل تحتضنها مجموعة من الدول القادرة على تحريك الملف. ولن يستطيع الفلسطينيون، لوحدهم، الصمود أمام التحرك الإسرائيلي، ومن هنا يصبح من الواجب على المجموعة العربية أن تساند هذا التوجه وتعمل على إقناع الأصدقاء والدول المساندة للحق الفلسطيني من أجل تشكيل مجموعة ضاغطة في الهيئات الدولية. ولكن، قبل كل هذا، على الفلسطينيين أن يدخلوا المرحلة موحدين متجاوزين الخلافات الداخلية، وبدون ذلك لن يثق بهم أحد ولن يتحمس لمساعدتهم.