يسود مدينة طرابلس عاصمة الشمال اللبناني، الخوف من معارك عسكرية مقبلة، فثلة من الشباب لا يتجاوزون العشرة اتخذوا من أحد أحيائها مقرا، مطلقين الشعارات المتطرفة على مرأى من الأجهزة الأمنية التي لو تحركت منذ البداية لما كانت الأمور قد وصلت إلى ما وصلت إليه، فيما رصاص «مجهول.. معلوم» ينهمر على مقرات الجيش في المدينة كتحضير لحرب لا بد أن تشتعل عن سابق إصرار وتصميم. ** مدينة عرسال أكبر المدن اللبنانية على الإطلاق، يصفها وزير الداخلية نهاد المشنوق ب«المحتلة»، والجيش اللبناني يشعر أنه في بيئة معادية والنازحون السوريون باتوا يشكلون أضعاف أهلها الأصليين فيما المحيطون بعرسال من اللبوة إلى بعلبك وبريتال يتحدثون عن معركة عرسال الثانية. ** مدينة بريتال التي لم تلملم جراح جرودها بعد ولم تستعد رفات كل الذين سقطوا ضحية مغامرة الآخرين على أرضها، ها هي الأخبار تتحدث منها وعنها حول حشود عسكرية لحزب الله لحسم معركة القلمون كما تحاول أوساط الحزب تعميمه إعلاميا. ** أما الحدود اللبنانية مع إسرائيل فتعيش قلقا يوميا بعد استهداف حزب الله لآلية عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا كأول عمل عسكري للحزب من نوعه منذ صدور القرار الدولي 1701. على خلفية كل ذلك، لا يختلف اثنان على أن لبنان يعيش حاليا على فوهة بركان، وكل التطمينات الدولية الصديقة منها والشقيقة قد لا تنفع، فالنار أقوى من رغبات الخيرين والطيبين، هناك أزمة كبيرة يعيشها لبنان وإن حاول البعض من الساسة والقادة طمر رؤوسهم في الأرض كي لا يروا الأزمة، فتجاهل الشيء لا يعني عدم وجوده. مدن لبنانية تهددها الحرب التي إن وقعت في تلك المدن لن تكون باقي المدن اللبنانية بمنأى عن تداعياتها، فالأمور في هكذا أزمات كحجارة لعبة «الدومينو» ما إن يسقط الأول حتى تتبعه باقي الحجارة بالسقوط. وهنا يطرح السؤال: من المسؤول عما يحصل؟ الإجابة سهلة وموجودة على لسان أغلبية اللبنانيين، المسؤول هو القاتل الذي تحدث عنه الرئيس فؤاد السنيورة لحظة اغتيال الوزير محمد شطح فأسماه «القاتل المعروف»، فهذا القاتل هو من يمنع انتخاب رئيس للجمهورية وهو نفسه من يعرقل تسليح الجيش اللبناني، وهو نفسه أيضا من يقف خلف استجلاب النيران السورية إلى لبنان وهو نفسه من سينهزم بالنهاية.. فالمنطق والتاريخ لم يتحدثا قط عن قاتل منتصر لأن الهزيمة بالنسة إليه قدر وقدر محتوم.