كان عند امرأة عجوز إبن هو وحيدها الذي لم يرزقها الله غيره ولذلك دللته حتى أنه أصبح «شقيا» كثير الحركة في صغره مما أدى إلى فقده إحدى عينيه أثناء لعبه وقفزه من فوق إحدى الأشجار القريبة من منزله، ولما كبر وأصبح شابا أخذت أمه تلح عليه بالزواج ولكنه كان يرى نفسه «صغير السن طيشاني!» حتى بلغ الأربعين من عمره وهي لاتزال تستلطفه أن يلبي طلبها ويتزوج حتى ترى صغاره قبل موتها، فلما حاصرته وضيقت عليه الخناق قال لها: سوف أتزوج بشرط أن تكون العروس مثل الشمس والقمر بيضاء عيونها زرقاء «سمبتيكا» هيفاء حوراء نجلاء تحت العشرين أبوها العمدة أو الشيخ ذات مال وحسب ونسب .. وقبل أن يكمل شروطه صاحت أمه قائلة: وي يا ولدي أعور وتتنغور؟!. وقد تذكرت هذا المثل المكي عندما سمعت أحد الإخوة يتحدث عن موظف بسيط راتبه أقل من أربعة آلاف ريال جاءه طالبا منه المساعدة في تسديد مبلغ واحد وعشرين ألف ريال هي مجموع ما سجله عليه ساهر من غرامات لمخالفات ارتكبها منذ تفعيل خدمة ساهر وأن سبب عدم تسديده للمخالفات أولا بأول لأنه كان عاجزا عن التسديد فتراكمت عليه، ولكنه لم يكن عاجزا عن الاستمرار في ارتكاب المخالفات المرورية من سرعة وقطع إشارة، ولما تأخر في السداد ضوعفت ضده الغرامات ولما تأخر أكثر قطعت عنه الخدمات فبدأ يتسول ممن حوله ويطلب منهم جمع التبرعات ليسدد ما عليه من غرامات !. وكان موقفي الذي لم يلق استحسانا من الشفيع ومن بعض المتعاطفين مع ذلك الموظف الغارم، أن التبرع لأمثاله غير مستحسن لعدة أسباب منها أن تراكم الغرامات عليه يؤكد عدم التزامه بالنظام المروري وارتكابه مخالفات السرعة القاتلة وقطع الإشارة الحمراء، وهي مخالفات قد تؤذيه وقد تؤذي غيره وقد يكون الأذى مشتركا، ولو كانت مخالفة أو مخالفتين أو ثلاثا لهان الأمر ولاستطاع هو سداد غراماتها في كل مرة ولو كان راتبه ثلاثة آلاف ريال، بل إن شعوره الأليم بفداحة ثمن المخالفة بالنسبة له قد يردعه عن تكرارها ولكن الأخ ظل يرتكب المخالفات ولا يسدد الغرامات فتصبح المخالفة التي غرامتها ثلاثمائة ريال بخمسمائة ريال وهكذا تأتي المخالفة الثانية والثالثة والعاشرة حتى بلغ عدد مخالفاته التي لم تسدد في حينها اثنتين وأربعين مخالفة ومجموع المبالغ المستحقة لساهر بن ماهر آل قاهر واحدا وعشرين ألف ريال، فلما أوقفت عنه الخدمات طلب مساعدة المحسنين فهو أعور تنغور وتهور ومثله لا ينبغي مساعدته لأن في ذلك تشجيعا له على الاستمرار في الاستهتار بأرواح الناس عن طريق ارتكاب مخالفات قطع الإشارات الحمراء والسرعة الزائدة على الحد المسموح به حسب لوحات التنبيه المرفوعة على جوانب الطرق.. هذا ما أراه فماذا ترون؟!.