ناشد عدد من الشباب الجهات المختصة «إعادة النظر» في سجل مخالفاتهم المرورية الذي أصبح متخما ب«القسائم والغرامات»؛ الأمر الذي ضاعف من مشكلاتهم في «التصالح مع المرور» ومنعهم من تجديد رخص سيرهم وسير مركباتهم؛ ما دفعهم إلى الاستعانة بالنقل العام أو سيارات الأجرة لقضاء مشاويرهم الخاصة، وإيصال أُسرهم لقضاء حاجاتهم اليومية. ورغم اعتراف بعضهم بأن هناك طيشا في سلوكهم المروري وأن مضاعفة المخالفات قصد منها «التأديب والتهذيب» إلا أنهم ذكروا ل«شمس» أن دفع غرامات تصل إلى آلاف الريالات أمر عسير بالنسبة إلى الشباب خاصة الطلاب منهم؛ ولذلك من الضروري الوصول إلى صيغة توافقية تحل هذه المشكلة. وقال ناصر اللحياني إنهم لا يقللون من أهمية التشديد في ضبط الحركة وكبح جماح المخالفات، لكنه في المقابل أشار إلى أنهم يريدون الآن باعتبارهم شبابا تحسين أوضاعهم، وتراكم المخالفات بذلك الشكل يحول دون ذلك، والمشكلة أن المسألة مستمرة والمخالفات في تضاعف. أما محمد منيع فقال إن سجله المروري في فصول مراهقته لا يسر، فقد بلغت جملة الغرامات التي حصل عليها مع مضاعفاتها 20 ألفا، وهو رقم لا يستطيع أن يسدده بين يوم وليلة، ويرجو أن يشطب حتى ينال فرصة لتحسين وضعه «تقدمت للالتحاق بعدة وظائف ولكن كان عدم تجديد رخصة قيادتي بسبب تلك الغرامات سببا مباشرا في عدم حصولي على تلك الوظائف. وها أنا في هذه الحال منذ سبعة أعوام، ولولا مصروف جيبي الذي يمنحه لي والدي لما استطعت أن أتنفس قليلا». أما حسن خليفة فرأى أهمية إعادة النظر في تلك الغرامات رغم إيمانه بأنه قصد منها سلامة الأرواح والممتلكات «من خلال وجودي في عدة عواصم آسيوية وأوروبية لفت انتباهي أن هناك آلية معينة فيما يتعلق بإعطاء الإنذارات ولفترات مُحددة تمكن الشخص من تسديد المخالفة التي رُصدت بحقه دون أن تتراكم». وأضاف مصعب عبدالله أنه واجه هو الآخر مشكلات كثيرة للحصول على عمل بسبب عدم تجديده رخصة القيادة بسبب الغرامات المتراكمة عليه التي بلغت 8300 ريال «نعم ارتكبت مخالفات مرورية لكن بهذا الشكل المتصاعد للغرامات لن أتمكن من تسديدها خاصة أن أسرتي تعيش على راتب الضمان الاجتماعي، أما عمله حارس أمن حاليا فراتبه لا يتجاوز 1800 ريال وعرضة للحسومات بسبب الظروف الأسرية التي تجبره أحيانا على التغيب». ودعا حسان اللحياني إلى مراجعة ما وصفها ب «الحسبة التراكمية» للمخالفات المرورية «ليس كل من لا يقوم بالمراجعة في اليوم التالي لتسديد المخالفة هو غير مبال أو مكترث بل لأن ظروفه المالية لا تسمح له بذلك». وأضاف اللحياني أنه وبعض أصدقائه وأقاربه يجمعون حاليا 6100 ريال لصالح أحد أصدقائهم لتسديد مخالفات سابقة عليه، فيما نجحوا الشهر الماضي في جمع 9400 لشاب آخر سدت في وجهه كل السبل للالتحاق بوظيفة سائق بإحدى الإدارات الحكومية. أما المشرف السابق على التعليم الليلي بتعليم مكة حمدان الرفاعي فأكد أهمية الضبط المروري في تعديل سلوكيات بعض المتهورين لكنه يعتقد أن مسألة مضاعفة المخالفات المالية أمر يحتاج لإعادة نظر «كان يستوجب الأخذ في الحسبان بعض شرائح المجتمع التي لا تستطيع أن تتعامل مع هذه الآلية؛ وهو ما أجبرها على ارتكاب مخالفات أخرى مثل السير بوثائق ورخص منتهية الصلاحية ورأى المحامي سلطان الحارثي أن المخالفات المرورية وضعت لردع المخالفين؛ وهو ما خفف كثيرا من وقوع الحوادث التي خلدت مآسي مفجعة وجروحا لم تبرأ بعد عند البعض، لكنه دعا إلى مراعاة بعض الجوانب الإنسانية في هذا الجانب. من جانب آخر أكد عضو مجلس الشورى حاتم الشريف ل«شمس» أهمية إعادة النظر في نظام المخالفات وبجدية، خاصة أن نظام ساهر هو الآخر دخل حيز التطبيق؛ وهو ما قد ينجم عنه حزمة من المُخالفات التي تستوجب على صاحبها سرعة سدادها حتى لا تتضاعف «ما ذهب إليه البعض عند مناقشة نظام المخالفات المرورية في المجلس قبل ثلاثة أعوام من أن مضاعفة المخالفات يدخل ضمن الربا تراجع أمام ما خلص إليه المجلس من أن تلك المضاعفات لا علاقة لها بالربا بل هي من باب العقوبات بسبب التأخر في السداد، وإن كان الاختلاف بين جمهور العلماء والفقهاء حيال ذلك قائما». أما مدير مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمكةالمكرمة الدكتور محمد السهلي فأكد أن مضاعفة قيمة المخالفات مشكلة حقيقية خاصة في هذا الوقت «ارتفاع تكاليف المعيشة والصعوبات الحياتية الأخرى جعل بعض الأسر تقف عاجزة عن سد حاجاتها الضرورية فكيف الحال مع بقية الأمور الأخرى ومن بينها المخالفات المرورية الآخذة في التصاعد كلمت تأخر سدادها». ودعا السهلي المعنيين إلى إيجاد الحلول الكفيلة بحل هذه المشكلة عبر إتاحة الفرص أمام أبناء تلك الأُسر حتى يستطيعوا تحسين أوضاعهم وأن يكونوا أعضاء نافعين ومع التقيد بالأنظمة والتعليمات حماية لأرواحهم والآخرين .