نحن إذا نتقدم، لأن مؤشر التقدم الحقيقي هو احترام الإنسان والتعامل معه باحترام ورفق، سواء أكان مخطئا أم مصيبا. ومؤشر تقدمنا الأخير ما كشفه مدير الأمن العام اللواء عثمان المحرج، من أنهم يعملون على القضاء على كلمة «عطني هويتك» واستبدالها بالتحية وكلمة «إذا سمحت هويتك» وذلك أثناء تعامل رجال الدوريات الأمنية مع الجمهور. ومن بين أهم ما قاله اللواء المحرج: «إننا يجب أن ننزل نحن للناس ولا ينزلون من سياراتهم لنا. يجب أن أنزل وسلاحي معي. في الدول المتقدمة يصرح لرجل الأمن إطلاق النار في حال نزول السائق قبل نزول رجل الأمن إذا ما طلب منه، ولسلامة رجل الأمن يجب أن ينزل من دوريته. ولنا الشرف في خدمة أفراد المجتمع، وسخرنا لخدمة الناس ويجب علينا عدم مضايقتهم». كلام جميل يدل على وعي جديد لدى سلك الشرطة في علاقته بالمواطن وجعل هذه العلاقة علاقة (سمحة) وبسيطة لا تكلف فيها ولا تخوف يكتنفها من جانب الناس. وربما تعرف الشرطة، أو لا تعرف، أن المواطن يكره زيارة مراكزها لأي غرض، وليس هناك يوم (أسود) في حياته مثل اليوم الذي يوقفه فيه شرطي. وهذا ليس بسبب أن هذا المواطن مجرم أو مخطئ وإنما بسبب ما لديه من انطباعات عن خشونة المعاملة وصلافة المخاطبة. وهذا بالمناسبة ليس حكرا على الشرطة، فكثير من الدوائر الحكومية يظن موظفوها أن لديهم (كرتا) مفتوحا للتعامل الخشن مع المواطنين المراجعين لدوائرهم. وبينما كنا ننتظر أن نسمع من هذه الدوائر بوادر (تنعيم) تعاملاته موظفيها، إذا بالشرطة في هذا التصريح لمدير الأمن العام، تسبق الجميع، لتسجل لمرحلة جديدة لتعامل موظفها مع المواطن. وما ننتظره هو أن يطبق هذا الكلام الجميل على الأرض، إذ سبق فيما أذكر أن تمت المطالبة بنزول الشرطي أو رجل المرور من السيارة وليس نزول السائق، لكن ذلك لم يطبق حسب علمي بالمرة. ولعلنا الآن نجد في التطبيق ونرى تغيرا حقيقيا في كل تعاملات رجال الشرط والمرور مع الناس في الشارع وفي مراكز استقبالهم وتلقي بلاغاتهم وإنجاز معاملاتهم.