بعدما نالت حكومة الدكتور حيدر العبادي ثقة البرلمان العراقي وإعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما استراتيجيته للقضاء على تنظيم «داعش» ينال معها العراق فرصة الخروج من نفق الإرهاب والقتل والانقسام الذي دخل فيه بفعل السياسات الكيدية والديكتاتورية والطائفية السابقة. فنيل الحكومة الجديدة للثقة يضعها أمام تحديات وأولويات كبيرة وكثيرة مع هذا الواقع المخيف والأليم الذي يعيشه العراق بفعل قيام دولة موتورة ضمن الدولة، وإرهاب يعيث فسادا في البلاد وبين العباد. لا يختلف اثنان في العراق أو في الأوساط الدولية والإقليمية المتابعة للشؤون العراقية حول الأولويات التي ستضعها الحكومة العراقية لها كبرنامج عمل للأيام والأسابيع والأشهر المقبلة، فالأولوية الأساسية تأتي تحت عنوان محاربة الإرهاب وتحديدا إرهاب «داعش» ليتفرع منه عنوان آخر لا يقل أهمية عن الأول لا بل يشكل ضرورة وجودية له وهو أولوية إعادة اللحمة بين كافة المكونات العراقية والتي عبرها وعبر ترسيخها يمكن تأمين عناصر النجاح لمهمة مكافحة الإرهاب، وإنهاء تهميش طائفة السنة التي ذاقت الويلات في حكم المالكي. حكومة الدكتور عبادي تواجه تحديات كبيرة وعميقة تمثل إرثا ثقيلا وثقيلا جدا ربما يجعل للبعض تصورا أن المهمة صعبة لا بل مستحيلة ولكن أكثرية العراقيين وبخاصة القوى السياسية المشاركة في الحكومة والتي تمثل كافة الطوائف والمذاهب والأطياف يدركون أن الخيارات المطروحة أمامهم ليست كثيرة لا بل أن خيار التوحد لمحاربة الإرهاب هو الوحيد المطروح، فأمام العراق وكل مكوناته تحد مصيري وجودي لدولة العراق الموحدة وللشعب العراقي الموحد، فما يحصل في الموصل عبر إرهاب «داعش» إن لم يتم القضاء عليه فإن العراق الواحد سيصبح حدثا تاريخيا سابقا وبالتالي ستنتهي معه كل مقومات الدولة. عبادي رئيس الحكومة العراقية يعرفه خصومه قبل أصدقائه أنه رجل مثابر وصاحب نفس طويل في مواجهة الصعاب ورجل يمكن الوثوق به عند صياغة التسويات وبالتالي لديه كل المقومات أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب في هذه المرحلة المصيرية التي يمر بها العراق والتي تهدد وحدته وكينونته. حكومة عبادي بيدها أن تكون الحكومة التي تؤسس لعراق جديد يحلم به كل العراقيين وإلا في حال الفشل ربما تكون حكومة العراق الموحد الأخيرة. الأيام المقبلة صعبة وثقيلة لكن عزيمة العراقيين ودعم الأشقاء والأصدقاء يفتح كوة في جدار الأزمة، كوة تسمح لضوء الشمس أن يتسلل إلى هذه الظلمة التي نشرها الإرهاب والتطرف والديكتاتورية وبالتالي الأمل كبير بنهار جديد للعراق الآمن والمستقر والمزدهر. إن إعلان الرئيس أوباما لاستراتيجية القضاء على «داعش» سيشكل انطلاقة جديدة للوصول إلى عراق من دون إرهاب وقتل، عراق آمن يمكن من خلاله أن يشعر العراقيون أن المستقبل كما الحاضر لهم ولأبنائهم. الحرب على الإرهاب أعلنت والعراق أول المستفيدين من ذلك، فقصته مع الإرهاب قصة طويلة.