تبقى التجربة الروائية في السعودية لها وهجها وصداها، فهي الفن الأكثر جذبا للجيل الحالي، ولو تأملت في الكتب التي يصحبها الشباب والفتيات في الطائرات والحدائق والممرات لوجدت معظمها روايات متنوعة، قد تكون شبابية أو من روايات الجيل الرائد ممثلا في غازي القصيبي وعبدالرحمن منيف وتركي الحمد وغيرهم. قبل أيام عقدت ندوة في نادي جدة الأدبي بعنوان: «الروائيون الجدد» ألقاها الدكتور معجب العدواني، وشاركه فيها الدكتور سحمي الهاجري، وأدارها محمد علي قدس. العدواني رأى أنه بعد رواية «بنات الرياض» ظهرت لنا روايات داعشية، متطرقا إلى علاقة النقاد من خلال التبجيل للرواية، والتنائي، والكشف، ووصف معرفي هجومي. ثمة فرق بين الروائيين وبين التجارب الروائية. ليس سرا أن العديد من الأعمال حتى التي تلقى رواجا أحيانا لا تتوافر على شروط الرواية المتقنة، ولا تحتفظ بقيمتها الروائية الأدبية، غير أن هذه التجارب الروائية مهمة، فهي تعابير وآراء ومجالات للخط والإفصاح والبوح. لا يجب أن نقمع الجيل الذي يحاول أن يشق طريقه نحو التعبير والبوح، وأن نضربه بمعول النقد القاسي أو التتفيه المنظم، هناك تجارب أدبية أو خواطر أو روايات معينة تطرح في السوق ليس شرطا أن نقارنها بروايات الكبار والعمالقة، بل أن نضعها في سياقها الطبيعي. التجارب التي يمر بها الإنسان يمكنها أن تدون بين دفتي كتاب، حتى في الغرب يكتبون تجاربهم مع الشفاء من مرض، أو النجاة من حادثة، أو الخروج من مأزق، أو التعرض لصدمة، أو زيارة بلد، أو التفاجؤ بنمط عيش أو أسلوب ثقافة أو ذكريات المنصب، كل تلك المجالات لها قيمتها للتدوين لدى الأميركيين تحديدا. الرواية السعودية صحيح أنها تعيش طفرة ليست نموذجية، غير أنها طفرة مفيدة يكفي أن تكون هناك علاقة بين الإنسان، والكتابة، والكتاب.